كان الطاكسي الأبيض الكبير القادم من وسط المدينة في اتجاه البرنوصي مزدحما براكبيه، كانوا يتحدثون بصوت مرتفع عن كل شيء وعن أي شيء، قبل أن يصرخ الشيفور ذو الشارب الغليظ في وجوهم أن يسكتوا: «واش غادين تخلّيونا نتصنتوا ولا لا؟». سرط الجميع ألسنتهم دهشة وخوفا. ماذا في الأمر؟ مد يده إلى الراديو المخرشش، فانشدّت آذانهم إلى ما يسمعون. كان هناك برنامج اسمه «راجا كافي» في إذاعة اسمها راديو مارس. وكان على الذين يحلو لهم أن يسموا أنفسهم خبزويين أن ينتظروا توضيحا من السيد الشيفور لكل هذه الخلعة التي زرعها فيهم بسبب برنامج إذاعي. هادي هي اللحظة اللي كيتسناوْها كَاع المغاربة. آش واقع الأخ؟ الرئيس داوي. ساد صمت مريب، وكان كلام الرئيس محمد بودريقة وحده يخرج من الراديو ليملأ المكان. بهدوء كبير كان يرد على أسئلة الصحفي المستفزة، كان ذكيا جدا في اختيار أجوبته، صريحا جدا في الكشف عن أحلامه ومشاريعه، مترفّعا وعفيفا في الرد على الإشاعات والادعاءات. وخلال الحوار كان الشيفور يتفاعل مع كل جواب بتصفيق حار بيده، أو بإطلاق عبارات إعجاب وهو يضحك. حتى الراكبون، أدركوا أنهم أمام رئيس مختلف. أما حين علموا أنه مازال في الثلاثين من العمر ازداد تقديرهم له، لدرجة أن أحد الراكبين الذي يبدو أنه معلم متقاعد هتف قائلا: «هادا أسي الشيفور هو اللي كيصدق فيه قول الشاعر أبي العلاء المعري: وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل شكون هاد المْعرّي عاودتاني؟ واش كتفهم هاد الرئيس آش كيقول وْلا غير طالقها ترعى؟ وأنت فهمتي الشاعر آش كيقول؟ راه جا من جيهة الرئيس؟ إيوا على الحْساب هاد المْعرّي راجل ماشي رعْواني. حيت ما يوقف ضد الرئيس ديالنا غير الرْعاوين. لقد كان حوارا إذاعيا ناجحا مئة في المئة، فيه أسكت الرئيس كل تقوّلات الرْعاوين. حيث أكد أن الانتدابات التي يتحكم فيها المدرب راعت تطبيق سياسة التشبيب، وأعطى مثالا عن ذلك بعبد الكبير الوادي مادام عمره هو 21 سنة. ولم يذكر أن عمرو زكي أكبر من الرئيس نفسه، لأن الهدف من انتداب اللاعب المصري هو انتشار اسم الرجاء في العالم العربي كما قال، وأعطى الدليل عن ذلك بأن القنوات العربية كلها قالت «اللاعب الدولي المصري عمرو زكي التحق بفريق الرجاء»، ولم يذكر أن القنوات العربية والإسبانية تحدثت أيضا عن «تجميد» عضوية صلاح الدين بصير بطريقة غامضة. لأن قضية بصير لا تنفع أحدا، ولأن الرجاء كما قال الرئيس أكبر من بصير. سمعوا سمعوا... هاديك الأرض اللي عطاه سيدنا غادي يدير فيها أكاديمية ومدينة إعلامية. غادي يدير هاد الشي كلو في 7 هكتار؟ ومالك ما عمرك شفتي شي حاجة سميتها مدينة الألعاب وهي فيها جوج زعْلولات؟ ينبغي لكل المتابعين للشأن الرياضي أن ينحنوا احتراما لهذا الرئيس الشاب الذي يتعالى على المؤامرات والإشاعات والدسائس ويواصل المسيرة صامدا ما سوقوش، يمضي واثقا مصرا على أن يطلق المشاريع العملاقة التي كانت تبدو على مدار ستين سنة مجرد أحلام مستحيلة. فرغم أن القناة الفضائية التي قال قبل عام إن إطلاقها مسألة أيام لم تنطلق بعد، هاهو يعلن عن إنشاء مدينة إعلام، صحيح أنها لن تكون ضخمة كما نتصور، ولكن المهم هو السْميّة، ولم يسبقه أي رئيس في ذلك. ورغم أن القيامة ديال اللاعبين الذين اشتراهم له فاخر لم يربح منهم ريالا واحدا، ورغم أن نجوم الفريق لم يسأل فيهم أحد رغم وصولهم إلى نهاية كأس العالم، إلا أنه أعلن عن إنشاء أكبر أكاديمية في إفريقيا والبلاد العربية، غايتها تفريخ النجوم، وتصديرهم إلى أقوى البطولات العالمية. ورغم أن ميزانية الفريق ارتفعت إلى 10 مليار عن طريق منح وليس مداخيل قارة، هاهو يعلن رفع سقف الميزانية إلى 15 مليار. واش هادا ما غاداش تحشم منو الجامعة ملي تبغي تعطيه المنحة ديال اللقب؟ واسي الشيفور فين غادي؟ راك وصلتي المحمدية! ناري ناري... والله ما ردّيت البالْ، كنت مرفوع. كان عليكم نتوما تعلموني! وراه حتى حنا كنا مرفوعين. يا ربي السلامة. يلا كان كلشي منير باهي