ألباريس: فتح الجمارك التجارية لسبتة ومليلية "خبر رائع" ومونديال 2030 سيقوي العلاقات المغربية الإسبانية    مجلس النواب يقر بصعوبة التقصي في الدعم الحكومي لاستيراد المواشي    لقجع: تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى سيحقق نهضة تنموية بالمغرب    عرض عربي أول للفيلم المغربي الجرح وتفاصيل منافسة أربعة أفلام أخرى بمهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة    بتنسيق مع "الديستي".. اعتقال شرطي و3 أشخاص متلبسين ب"ترويج 94 ألفا و728 قرصا من القرقوبي و3 كيلوغرامات من الكوكايين    "أولاد الفشوش" يتمسكون بالبراءة.. والنيابة تحذر من الرشق بالبيض    صناعة السيارات: افتتاح الدورة الثامنة لملتقى "طنجة المتوسط أوطوموتیف میتینغ"    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الصين تدعو واشنطن للكف عن الضغوط وتؤكد استعدادها للتعاون دون تنازل عن مصالحها    هل يسرع تصنيف المغرب ضمن الدول الآمنة ترحيل المهاجرين من أوروبا؟    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا    "التراث الثقافي المغربي في سياق الذكاء الاصطناعي ومقاربة الهوية الإفريقية" محور ندوة علمية    تعيين مدراء جدد لمراكز دراسات الدكتوراه في جامعة شعيب الدكالي    ضحايا زلزال الحوز حاضرون في الأنشطة الخيرية ل"جمعية ماراطون الرمال"    الصناعة التقليدية المغربية تطرق أبواب العالمية من خلال اتفاقية جديدة    تراجع جديد في أسعار المحروقات بمحطات الوقود    آيت ملول تحتضن مهرجان سينما الأسرة    بوريطة: علاقات المغرب وإسبانيا إيجابية.. والحكم الذاتي يحظى بإجماع دولي    المندوبية السامية للتخطيط…توقعات بمعدل نمو يصل إلى 3,8 في المائة خلال الفصل الثاني من سنة 2025    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    بلقشور يعلن عن رفع المنع في حق حسنية أكادير ويؤكد أن العصبة ستقوم بتسوية الملفات المتبقية    "كان" الشباب... الاتحاد الإفريقي يعلن عن برنامج مباريات المنتخب المغربي    إسبانيا: "الحكم الذاتي" يظل الحل الأكثر مصداقية وجدية لتسوية النزاع حول الصحراء    خطابي: الإعلام العربي يتصدى للعدوان    وزارة الداخلية تتخذ قرارا مفاجئا في حق "قائد تمارة"    فرقة الأخلاق العامة بطنجة توقف أزيد من 20 شابة للاشتباه بقيامهنّ ب "الدعارة والفساد"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أكثر من 20 قتيلا ضمنهم أطفال في قصف همجي إسرائيلي على مخيم نازحين    بعد "ميتا" و"إكس".. "تيك توك" ينضم إلى محاربة المعلومات المضللة    محمد السادس للرئيس السوري أحمد الشرع: أنتم تديرون هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدكم الشقيق    قيوح يستعرض تجربة المغرب في تطوير النقل الجوي خلال مؤتمر "الإيكاو"    سعد لمجرد لن يشارك في الدورة 20 من موازين    رسميا.. فيرجيل فان دايك يجدد عقده مع ليفربول    الاتحادات الكروية ترفض مقترح أمريكا الجنوبية المتعلق بتنظيم كأس العالم 2030 بمشاركة 64 منتخبا    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    شي جين بينغ يجري مباحثات مع رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم    الفرق المتأهلة ومواعيد مواجهات نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    هيئة حقوقية تندد بتوالي حوادث العنف داخل المؤسسات التعليمية    مغربيات يتظاهرن في سلا تضامنا مع المرأة الفلسطينية ورفضا للعدوان على غزة    بنك المغرب بالجديدة يستقبل في لقاء تربوي    تقرير: المغرب في المرتبة 81 عالميا من حيث زخم التحول الرقمي    هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية حولت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في "سياستها القمعية"    أمريكا.. إلغاء الامتيازات الصحفية لوكالات الأنباء الكبرى    رئيس برلمان أمريكا الوسطى في زيارة للعيون    تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة إلى نهائي كأس إفريقيا..نادي موناكو يشيد بأداء موهبته إلياس بلمختار    مقدم شرطة رئيس يطلق النار لمنع فرار سجين كان رهن المراقبة الطبية بالمستشفى الجامعي بمراكش    البندقية تنفتح على السينما المغربية    واكي: الرقمنة تدعم تنمية المغرب .. و"جيتيكس إفريقيا" يخدم الشراكات    دوائر أمنية بالجديدة في وضع مقلق... مطلب استعجالي لإعادة الإعتبار لهذا المرفق الحيوي    "تمغرابيت" تزين معرض الكتاب في باريس .. إبداع وذاكرة وشراكة متجددة    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطقة بين التسوية «السياسية» و«النووية»
نشر في المساء يوم 12 - 01 - 2014

إن المتابع للأوضاع العامة لمنطقة الشرق الأوسط، أثناء الأسابيع القليلة الماضية، سرعان ما يدرك أن المنطقة قد تكون مهيأة لتسويات سياسية تتعدى مجرد الاتفاق المبدئي بشأن برنامج إيران النووي بين مجموعة الدول الست وإيران، ولا يعني ذلك أن مثل هذه التسويات لن تواجه بتعقيدات قد تزيد من تأزم الموقف العام المتأزم أصلا، وتدفع بالمنطقة إلى موجة قوية من إعادة الحسابات بالنسبة إلى جميع الأطراف.
والأسئلة التي يتداولها أهل الشرق الأوسط عموما ولا يعرفون إجابات محددة بشأنها كثيرة: فأهل إيران يسألون عما إذا كان الاتفاق حول النووي الإيراني سيحقق انفراجا داخليا، بحيث يكون هذا الاتفاق مقدمة للبدء في مشروع إصلاحي كبير في إيران، أم إن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان، ومجرد تفاهمات يمكن أن تنهار في أي لحظة، وهل ما يحصل لا يتعدى مجرد مناورة تكتيكية من قبل المرشد الأعلى بسبب الصعوبات الاقتصادية الني تعانيها إيران؟
أما أهل سوريا فيستفسرون عما إذا كان ذلك الاتفاق مقدمة لعقد تسويات أخرى، ولاسيما تسوية مبدئية للأزمة السورية، أم إن ذلك الاتفاق سيزيد من تعقيد الأمور وسيحول محنة السوريين في ثورتهم إلى مسألة ثانوية، بحيث يترك السوريون يتصارعون إلى ما لا نهاية؟
كما أن السؤال الخاص بالخليج العربي، سؤال لا يقل خطورة عن السؤالين السابقين، وكيف ستتعامل الدول الخليجية مع تلك التطورات في ظل عدم ثقتها بنوايا إيران النووية، وهل سيشكل الاتفاق مقدمة لتفجير خريطة التحالفات التقليدية في المنطقة؟
يتحدث كثير من المحللين عن كون إيران قبل روحاني ليست إيران بعده، على الرغم من محدودية دوره إذا ما قيس بالمرشد الأعلى.
فروحاني جاء إلى سدة الرئاسة على وقع أزمة اقتصادية خانقة تعيشها إيران، وأمل في أن يأخذ المشروع الإصلاحي طريقه إلى مؤسسات الدولة، وهو مشروع طال انتظاره من قبل الإيرانيين.
غير أن روحاني مدرك أن السير نحو إيجاد حل لمثل تلك القضايا مسألة داخلية وخارجية في الوقت نفسه، وأن الأمر يحتاج إلى التفاهم مع الغرب حول البرنامج النووي الإيراني.
ولذلك نجد أن هناك تطورا متسارعا في الاتصالات بين المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين، سواء على مستوى وزيري الخارجية أو على مستوى الاتصال الهاتفي بين أوباما وروحاني أثناء زيارة الأخير لنيويورك، إلى أن انتهى الأمر مؤخرا بعقد اتفاق مبدئي يفرض قيودا على المشروع الإيراني النووي، ويخفض نسبة تخصيب اليورانيوم، ويمنع إيران من تركيب أجهزة طرد مركزي جديدة لتخصيب اليورانيوم.
وبالمقابل، يقضي الاتفاق برفع بعض العقوبات عن الاقتصاد الإيراني، الأمر الذي سيسهل وصول بعض المليارات إلى الخزانة الإيرانية، على أن يتم إيجاد حل متكامل بعد ستة أشهر.
والأمل الذي يرنو إليه الإيرانيون هو أن تسير الأمور بالطريقة التي رسمت لها، وألا تظهر معوقات تمنع من هذا الأمل، ولاسيما أن محاولات للوصول إلى اتفاقات من هذا القبيل فشلت على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وتوالى عليها عدة رؤساء إيرانيين وأمريكيين.
فالإيرانيون متعبون اقتصاديا، ويحتاجون إلى الاستفادة من نفطهم في حل مشاكلهم الاقتصادية، وأعداد العاطلين عن العمل في ازدياد، والتضخم المالي في ازدياد، والعملة في تراجع أفقدها 30 في المائة من قيمتها.
ولكن الأمر بحاجة إلى أن يستكمل بخطوات سياسية، والاقتصاد ليس ببعيد عن السياسة، ومطلوب من إيران أن تنفتح ليس على الغرب فقط، بل على جيرانها العرب أيضا، حتى تستكمل الصورة وتكون المنطقة أكثر استقرارا، فالاكتفاء بالانفتاح على الغرب هو كمحاولة الطيران بجناح واحد.
أما بالنسبة إلى الوضع السوري، فإن تدخل ميلشيات مدعومة من إيران في سوريا لمساندة نظام الأسد يعد أكبر متغير ساعد على بقاء النظام السوري إلى الآن، ودفعه إلى ارتكاب مجازر ليس لها حد ولا رادع، لعل آخرها ما حصل في مدينة الرقة 28 نونبر 2013.
فالثوار والناشطون يتحدثون عن تزايد أعداد المقاتلين في تلك الميلشيات أولا، ويتحدثون عن اتساع الرقعة الجغرافية لعناصر تلك الميلشيات ثانيا، بحيث لم يعودوا موجودين في ريف دمشق وحدها، بل زادوا من وجودهم في حلب وحمص، وتجاوزت تقديرات أعدادهم ال15 ألف مقاتل.
يضاف إلى ذلك اعتراف إيران نفسها بوجود عدد من الخبراء العسكريين الذين يساعدون النظام السوري ويقدمون إليه المشورة في كيفية تحقيق أفضل الوسائل لقتل المزيد من السوريين.
ولذلك، فإن المطلوب من إيران أن تدرك أن موقفها -الذي يقول إن حل الأزمة السورية لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، وإن على السوريين أن يحلوا أزمتهم مع بعضهم دون تدخل خارجي- لا بد من تطبيقه على أرض الواقع وبشكل فعلي.
وهذا التطبيق يتطلب، أولا، الكف عن دعم النظام السوري، والمشاركة بشكل إيجابي في الجهود الدولية الخجولة لوقف نهر الدم الذي يجري في سوريا.
وفي هذا الإطار، نستمع إلى همس هنا وكلام هناك عن إمكانية مقاربة إيران للوضع السوري بشكل موضوعي، وقبولها -من حيث المبدأ- بتسوية مقبولة لما يجري في سوريا؛ غير أن السوريين يفضلون أن يقفوا على مسافة من هذه الإشارات، لأن سياسة إيران في سوريا لم يحصل عليها أي تغيير يذكر منذ تولي روحاني السلطة.
فهل يعتقد روحاني أن الاتفاق حول النووي لا بد أن يتلوه انفتاح على الوضع السوري؟ ولاسيما أن وقوف إيران إلى جانب الأسد، على الرغم من كونه حليفا استراتيجيا رئيسيا لها في المنطقة، هو وقوف مكلف بسبب اكتشاف ضعف الحليف القديم الجديد، وأن الأمر يحتاج إلى التفكير بشكل مختلف.
دعونا نتذكر أن رفسنجاني قال إن الأسد هو من استخدم الكيميائي في ريف دمشق، (رفسنجاني من أكبر الداعمين لروحاني في حملته الانتخابية)، وأن إيران لم تحرك ساكنا عندما همَّ أوباما بتوجيه ضربة عسكرية إلى قوات النظام السورية ومقرات أسلحته الكيميائية، كما أن وضع حزب الله ومستقبله قد طرحا أيام الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي.
وهذا يعني أن هناك فرصة سانحة لأن تغير إيران من مقاربتها للوضع في سوريا، خاصةً أن الحديث عن أعداد القتلى بين صفوف الميلشيات المدعومة من إيران والمالكي بدأ بالتزايد، وأن تدخل هذه الميلشيات يمكن أن يكلف الكثير إذا ما طال أمده.
أما العامل المحفز الثاني لإيران إذا ما أرادت الانفتاح على الوضع السوري فهو سياسية الولايات المتحدة الجديدة والتي تقوم على حل النزاعات الدولية بالطرق الدبلوماسية، والتخفيف من استنزاف الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، والاستعداد لمواجهة تحديات جديدة أخذت تلوح في الأفق في المحيط الهندي، ومن الصين تحديدا.
يضاف إلى ذلك أنه بات من الواضح أن أحد أهداف أمريكا الجديدة هو ترك إيران تغرق شيئا فشيئا في القتال في سوريا، الأمر الذي يمهد لصراع طائفي تكتوي به كل أطراف النزاع في المنطقة.
أما دول مجلس التعاون الخليجي فيبدو أنها أكثر الأطراف المعنية بالاتفاق النووي الإيراني، حتى إن الاتفاق أعقبته نقاشات سياسية واسعة امتدت إلى مختلف الشرائح السياسية والثقافية بغية تحليل تداعيات إمكانية عقد اتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي.
على المستوى الرسمي، رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم المملكة العربية السعودية بالاتفاق المبدئي، ثم تلا ذلك اجتماع تصالحي بين السعودية وقطر رعته دولة الكويت، وهذا يعني أن دول الخليج العربي ليست ضد الاتفاق من حيث المبدأ، ولكن لا بد لها -إزاء اتفاق كهذا- من أن تأخذ مخاوفها ومصالحها بعين الاعتبار.
ويبدو أن الخليجيين يعتقدون أن الوقت قد حان لكي ترسم دول الخليج مستقبلها بنفسها، وأن تعتمد على مقدراتها في إثبات مكانتها وتحقيق استقرارها.
ففي النهاية، تقوم السياسة على المصالح، وبقاء مصالحها مرتبطة بمصالح الآخرين وتقلبات سياستهم أمر لم يعد مجديا وبحاجة إلى إعادة نظر؛ ولذلك نجد أن هناك من أخذ يطرح صيغة العمل على كونفدرالية خليجية فعالة، كما أخذ يتساءل عن الفوائد التي جناها الخليج من أمريكا لنصرة القضايا العربية، ولا شك أن هذا الموضوع كان الموضوع الرئيسي للقمة الخليجية في الكويت.
أما على المستوى الإيراني، فإن إيران لن تستفيد كثيرا من إبقاء حالة الصراع البارد بينها وبين دول الخليج، على الرغم من أنه ليست هناك إشارات مشجعة في هذا الاتجاه؛ فالمنطقة لا تحتمل مزيدا من التوترات، والمرجو هو أن تفهم إيران تخوفات الآخرين من برنامجها النووي أولا، ورغبة الآخرين في إقامة علاقات حسن جوار ثانيا.
ما نريد قوله في النهاية هو أن المنطقة تعيش موجة تغيرات كبرى منذ أكثر من عامين، ويبدو أن هذه الموجة أخذت تسير في طرق متعددة وتأخذ أشكالا مختلفة، وآخر هذه الموجات تداعيات الاتفاق الإيراني الغربي على العرب، سواء في سوريا أو الخليج العربي، أو على الإيرانيين أنفسهم، وهو اتفاق له ما له وعليه ما عليه، إذا لم يؤد إلى تسوياتٍ سياسيةٍ المنطقة ُبحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى.
رشيد الحاج صالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.