مع اقتراب الذكرى الثالثة لقيام الثورة المصرية في 25 يناير، يضع المصريون أياديهم على قلوبهم، تحسبا لما يمكن أن تشهده البلاد المنهكة من أحداث قد لا تكون محسوبة. ففيما يغرق الاقتصاد وتتغول البطالة وتغلق المصانع ويهرب الأثرياء أموالهم إلى الخارج، يتأهب مناصرو الرئيس المعزول للنزول إلى الميادين، وتتأهب قوات الجيش والشرطة لمواجهة مظاهرات الإخوان التي تتوقع ارتفاع حرارتها في ذلك اليوم. ويتراجع الحديث عن الاستفتاء عن الدستور المرتقب يومي 14 و15 يناير الحالي. مما يطرح السؤال الملح: إلى أين تتجه مصر؟ مع اقتراب الذكرى الثالثة لقيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011، يبدو أن مصر تتجه نحو المجهول، في ضوء التداعيات الخطيرة التي أثارها إعلان الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. فقد فتح ذلك القرار الباب أمام سيناريوهات مفتوحة تهدد بإغراق البلاد في حمام دم، بل بات يهدد حتى بعزل مصر إقليميا، بعد رفض عدد من البلدان السير وراء قرار اعتبار الجماعة تنظيما إرهابيا، وهو ما قد يحول دون نجاح الحكومة المصرية في تسويق قرارها عربيا ودوليا. وقد جاء هذا القرار على إثر التفجيرات التي استهدفت مقر مديرية الأمن في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، الذي خلف 14 قتيلا، فضلا عن أكثر من 130 مصابا، قالت وزارة الداخلية المصرية إنه ناتج عن سيارة مفخخة. وبعد ثمانية وأربعين ساعة، أعلن مجلس الوزراء المصري جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها جماعة إرهابية في الداخل والخارج، وحظر التعامل معها بناء على نص قانون العقوبات، ومعاقبة كل من يشيد بالجماعة سواء بالخطابة أو بالكتابة، وبملاحقة أعضائها. وجاء في القرار أن الحكومة المصرية تعتبر جماعة الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا في مفهوم نص المادة 86 من قانون العقوبات، بكل ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها توقيع العقوبات المقررة قانونا لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها». وحسب بيان الحكومة، فإن جماعة الإخوان المسلمين هي التي فجرت مبنى محافظة الدقهلية في مدينة المنصورة، في الوقت الذي كانت جماعة «أنصار بيت المقدس» قد أعلنت مسؤوليتها عن التفجير، الذي أدانته جماعة الإخوان المسلمين والتحالف الوطني لدعم الشرعية، المؤيد للرئيس المصري المعزول محمد مرسي. وقررت القاهرة إخطار الدول الموقعة على اتفاقية مكافحة الإرهاب بهذا القرار. وفي محاولتها لتسويق القرار عربيا، عمدت الحكومة المصرية إلى مطالبة الأمانة العامة للجامعة العربية بإبلاغ الدول العربية الموقعة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 1998 بقرارها. وقد وقعت على هذه الاتفاقية 17 دولة عربية، وتنص على أن الدول الموقعة تتعهد بعدم تنظيم أو تمويل أو ارتكاب الأعمال الإرهابية، أو الاشتراك فيها بأي صورة من الصور، ومنع اتخاذ أراضيها مسرحا للتخطيط أو تنظيم أو تنفيذ الجرائم، بما في ذلك العمل على منع تسلل العناصر الإرهابية إليها، أو إقامتها على أراضيها، أو استقبالها أو إيوائها أو تدريبها، أو تسليحها أو تمويلها، أو تقديم أي تسهيلات لها. كما تشير نصوص الاتفاقية بوضوح إلى تعهد الدول الموقعة بتسليم المتهمين أو المحكوم عليهم في الجرائم الإرهابية المطلوب تسليمهم من أي من هذه الدول، طبقا للقواعد والشروط المنصوص عليها في الاتفاقية، حسب النص. وتنص المادة السادسة من هذه الاتفاقية على تسليم المطلوبين المتهمين بالإرهاب من بلد عربي إلى آخر من الموقعين عليها، وهو ما يعني أن مصر ستلجأ إلى مطالبة الدول العربية المعنية بتسليم أعضاء الجماعة الهاربين إليها، بدعوى انتمائهم إلى جماعة محظورة داخل مصر يعتبرها القانون المصري جماعة إرهابية. لكن الخبراء يقولون إن هذا الأمر من شأنه أن يطرح مشكلة بين مصر والدول المقصودة، حول هل يجوز أم لا يجوز المطالبة بتسليم أعضاء الجماعة، فقط لكونهم منتمين إليها، أم بسبب صدور أحكام قضائية في حقهم؟. اتهام حماس والجماعة ووجهت الحكومة المصرية الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية وجماعة أنصار بيت المقدس بصفة مشتركة. وقال محمد إبراهيم، وزير الداخلية المصري، إن جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس بقطاع غزة وبعض الحركات التكفيرية الإرهابية متورطة في أعمال العنف والتفجيرات التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة. وعرض في مؤتمر صحفي أدلة لما قال إنه اعترافات مصورة لنجل قيادي إخواني بمدينة المنصورة الواقعة في دلتا مصر في الترتيب لحادثة استهدفت مقرا للشرطة في محافظة الدقهلية في دجنبر الماضي. وأشار وزير الداخلية إلى وجود صلة قوية بين جماعة الإخوان المسلمين وجماعة «أنصار بيت المقدس» التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من التفجيرات التي شهدتها مصر أخيرا، أبرزها محاولة اغتيال وزير الداخلية ومبنى المخابرات في مدينة إنشاص بمحافظة الشرقية، كما عرض صورة لمن وصفه بزعيم جماعة أنصار بيت المقدس في مصر. وأوضح المسؤول المصري أن جماعة الإخوان نسقت مع حركة حماس في أحداث العنف الأخيرة، مشيرا إلى أن نجل القيادي الإخواني، المنجي سعد حسين، متورط في التخطيط لتفجير مديرية أمن الدقهلية. وأضاف قائلا: «جهود المتابعة والمعلومات كشفت أن الفترة اللاحقة على 25 يناير 2011، خاصة في فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، قد ساعدت جماعة الإخوان على توسيع قاعدتها في مختلف أنحاء البلاد، وسعت إلى التقارب مع حلفائها من الفصائل المتشددة لاستخدام ناصرها في تنفيذ مخططاتها العدائية»، متابعا: «أكدت المعلومات قيامهم بفتح قنوات تواصل لعدد من كوادرها مع قيادات حركة حماس الفلسطينية ومنهم أيمن نوفل، رائد العطار، وآخرين الذين قدموا لهم مختلف أوجه الدعم اللوجيستي من خلال استضافتهم بقطاع غزة وتلقينهم قواعد الأمن وتدريبهم على مختلف الأسلحة بمعسكرات كتائب القسام». وردا على تلك الاتهامات، قالت حركة حماس في بيان لها على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري إن «اتهامات وزير الداخلية المصري اتهامات باطلة ولا أساس لها من الصحة، وهي محاولة لتضليل الشعب المصري وتصدير الأزمة المصرية الداخلية». ودعت حماس القيادة المصرية، وتحديدا وزير الداخلية، إلى وقف ما وصفته بالمهاترات، مؤكدة أنه لا علاقة لها بكل ما يدور من أحداث في مصر، وأنها لا تتدخل في أي شأن داخلي لأي دولة عربية، وأن ما وصفته ببوصلتها موجهة دائما للاحتلال الإسرائيلي. وعبر رئيس حكومتها المقال إسماعيل هنية عن استعداد الحركة في العام الجديد لتنقية الأجواء بينها وبين القيادة المصرية الجديدة. 25 يناير .. اختبار إرادتين ويأتي هذا التحول قبل أسابيع من تظاهرات منتظرة لمناصري الرئيس المعزول محمد مرسي في ذكرى ثورة 25 يناير، وهي الذكرى التي ستشكل اختبار قوة للطرفين. ويرى المراقبون أن قرار اعتبار جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا الهدف منه الحيلولة دون عودتها إلى الشارع بمناسبة الذكرى الثالثة للثورة. وبدأت قوات الأمن المصرية في الاستعداد للمناسبة برفع حالة التأهب، وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية إن كل من يشارك في احتجاجات جماعة الإخوان المسلمين سيعاقب بالسجن خمس سنوات، وأضاف أن الحكم يمكن أن يكون الإعدام لمن يقودون التنظيم. وأكد نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق اللواء عبد الحميد خيرت، أن الإخوان تخطط لمسيرات تسعى لاستعادة الإرادة المصرية خلال أحداث يناير المقبل، وأضح أن الإخوان يريدون استنزاف الأمن المركزي قبل ذكرى 25 يناير، لافتا إلى أن الإخوان وكافة الجماعات الإرهابية سيصعدون في الفترة القادمة. وأضاف أن ثورات الربيع العربي مؤامرة تعزز أنظمة إخوانية بمخطط أمريكى، مضيفا أن التنظيم الدولي أرجع فشل الإخوان في مصر لعدم استخدامهم لأساليب الاحتواء والسيطرة. وشدد خيرت على أن خروج المواطنين في 30 يونيو يعنى أن الإخوان سقطوا سياسيا واجتماعيا، مشيرا إلى أن مصر ترحب بكل من تراجع عن الاستمرار في جماعة الإخوان، وموضحا أنه كان الأجدى للتنظيم الدولي للإخوان الاعتراف بأخطاء مرسي بدلا من الاستمرار في التآمر. وأكد أن الكثيرين من أعضاء الإخوان قرروا ترك الإخوان بعد تقييم التنظيم الدولي للتجربة في مصر بالفشل، مشيرا إلى أن خطورة التنظيميين من الإخوان أنهم لديهم عقيدة سلفية، لكنهم لا يحتكمون لضوابط المصلحة، مضيفا أن الوقت الحالي يستوجب قرارا سريعا من الحكومة لمواجهه الإرهاب. من جانبها، أكدت جماعة الإخوان المسلمين في الصفحة الرسمية لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان، خيرت الشاطر، على تويتر، والمسجون حاليا في سجن طرة، أن «يوم 25 يناير 2014 سيكون صورة مصغرة من 25 يناير 2011، حيث ستحدث فوضى واقتحام للسجون ومقتل شخصية عامة بمصر». وتتزامن ذكرى ثورة 25 يناير مع إعادة محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي يوم 28 من الشهر نفسه. وأعلن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي يوجد مقره في الخارج، عن عرقلة الاستفتاء على الدستور الجديد، الذي انتهت لجنة الخمسين من صياغته والتصويت عليه في الشهر الماضي، على أن يتم الاستفتاء عليه في منتصف شهر يناير الجاري. وفيما يتم الحشد لإنجاح الاستفتاء، قرر حزب النور السلفي الانفصال عن موقف جماعة الإخوان المسلمين والتصويت بنعم على الوثيقة الدستورية الجديدة. ودعا ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، جموع المصريين إلى الخروج يوم الاستفتاء والتصويت بنعم على مسودة الدستور، مؤكدا أن إقرار الدستور الجديد يعتبر بمثابة الخطوة الأولى نحو استقرار مصر ودوران عجلة البناء والتنمية فيها. وقال برهامي في تجمع لحزب النور إن مسودة الدستور الجديد حافظت على الهوية الإسلامية للدولة المصرية، وإن القول بأن إقرارها خيانة لله ورسوله غير صحيح ولا أساس له، متسائلا أي مسألة من مسائل التوحيد أخل بها هذا الدستور. واستنكر برهامي ما يقال من أن الدستور كتب على دماء الشهداء، قائلا : «نريد منع المزيد من سفك الدماء بالتصويت بنعم على الدستور، وجودنا في المشهد لم يكن مشاركة في أخطاء المشهد». وأضاف «أن الشريعة كانت هي همنا الأول عند وضع مواد الدستور، ولم نفرط فيها ولم نتمسك بنص بعينه، وجاهدنا من أجل تثبيت تفسير لها وقد كان، وكان هدفنا وجود توازن بين ممارسة الحقوق والحريات وبين الشريعة الإسلامية»، موضحا أن مادة الحقوق والحريات مقيدة بالمادة الثانية من الدستور. أسئلة معهد كارنيجي الأمريكي حول مستقبل مصر نشر معهد كارنيجى للسلام، مؤخرا، دراسة طرح من خلالها ناثان جى براونلى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، سبعة أسئلة تتعلق بالمستقبل السياسي لمصر خلال سنة 2014أكدت جماعة الإخوان المسلمين في الصفحة الرسمية لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان، خيرت الشاطر، على تويتر، والمسجون حاليا في سجن طرة، أن «يوم 25 يناير 2014 سيكون صورة مصغرة من 25 يناير 2011، حيث ستحدث فوضى واقتحام للسجون ومقتل شخصية عامة بمصر». التي سيستهلها المصريون باستفتاء على مسودة الدستور 2013 في يناير الجاري. وكانت الأسئلة كالتالي: هل سيصوت المصريون على الدستور ب "نعم"؟ هل سيتصف التصويت على الاستفتاء بالشفافية والنزاهة؟ هل تمضى مصر بالفعل قدما في تنفيذ خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة المؤقتة؟ هل يتصف دستور 2013 بالشرعية؟ هل سيطبق القانون بنود الدستور لو تم تمريره؟ هل سيكون الإقبال على الاستفتاء قويا؟ ما الخطوات التالية في مرحلة التحول السياسي التي تشهدها مصر؟ فيما يخص السؤال الأول، أشار الباحث إلى أن المصريين سيصوتون بنعم على الدستور الجديد، معللا بأنه نادرا ما تقابل الدساتير بالرفض، ففي معظم دول العالم يتم تمرير الدساتير بعد الاستفتاء عليها، ومصر ليست استثناء لتلك القاعدة العالمية. ويوضح الباحث أنه على الرغم من رفض بعض الأطراف السياسية مسودة الدستور، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، إلا أن تلك الأطراف ستلجأ إلى استراتيجية المقاطعة بديلا عن الحشد للتصويت بلا. وفيما يخص التساؤل الثاني، أوضح الباحث أن الانتخابات التالية لن تتصف بالشفافية والنزاهة، ولكن ذلك لن يؤثر على النتيجة النهائية، فالدستور سيمرر على أي حال، ويوضح الباحث الأسباب وراء صعوبة تحقق عملية تصويتية تتصف بالشفافية والنزاهة، فيقول إن احتمالات وجود الرأي والرأي الآخر غير قائمة، فعلى الرغم من أن حزب الحرية والعدالة، على سبيل المثال، سيحاول أن يحقق له أي وجود قانوني على الساحة السياسية، فإنه بعد غلق كل نوافذه الإعلامية سيكون ذلك مستحيلا، وعلى الأرجح في ظل قانون التظاهر الجديد لن تكون هناك تظاهرات معارضة في الوقت الحاضر.