فجر الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي مفاجأة من العيار الثقيل عندما أعلن أن البنك الدولي سيقف لأول مرة في التاريخ كمتهم أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، على إثر دعوى قضائية رفعها ثلاثة باحثين من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، وهم أقصبي نفسه وإدريس بنعطية ومحمد المهدي، يتهمون فيها البنك بالتلاعب بنتائج بحث ميداني يتعلق بتأثير تحرير القطاع الفلاحي على التنمية القروية. وقال أقصبي ل«المساء» إن القضية تعود لعدة سنوات، حيث اشتغل الفريق المغربي على جزء من مشروع بحث ميداني يحمل اسم «ريرال ستروك» شاركت فيه سبعة بلدان، وكان من المفروض أن ينتهي هذا البحث في سنة 2010، غير أن الباحثين المغاربة فوجئوا بعد انتهائهم من الجزء الأول للدراسة بتكليف مكتب دراسات بإنجاز الجزء الثاني، بالنظر إلى طبيعته الميدانية، وهو ما نتج عنه إعداد تقرير لم يحترم المصداقية العلمية الضرورية. وأضاف أقصبي أن الفريق المغربي وجه ملاحظات حول الجزء الثاني من التقرير إلى مكتب البنك الدولي في المغرب، وطلب تمكينه من المعطيات الخام من أجل إعداد تقرير جديد يصلح أخطاء التقرير السابق، غير أن البنك الدولي رفض، وهو ما جعل الفريق المغربي يرفض المصادقة على نتائج البحث التي تفتقر إلى المصداقية العلمية. وبعض مرور فترة قصيرة، فوجئ الباحثون المغاربة، حسب ما جاء على لسان أقصبي، بنشر البحث تحت اسم فريق علمي جديد، مع تعديل بعض الفقرات والمعطيات التي تخالف ما خلص إليه الفريق أثناء فترة إشرافه على الدراسة، وهو ما دفع الباحثين المغاربة إلى مراسلة رئيس البنك الدولي في واشنطن من أجل وضع حد للجهات التي وقفت وراء هذه العملية، إلا أنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة. وأكد أستاذ معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة أن تحريف مضامين البحث ونتائجه من قبل البنك، الذي قام بنشرها بمعطيات خاطئة عن المغرب ضدا على إرادة الباحثين وعلى اعتراضاتهم وتنبيههم إياه بعدم نشره وتوزيعه، دفع الفريق المغربي إلى رفع دعوى قضائية ضد البنك الدولي، وهي العملية التي استمرت أزيد من ثلاث سنوات، بالنظر إلى أن البنك يعتبر نفسه من بين المؤسسات الدولية التي تتمتع بالحصانة. واعتبر أقصبي أن هذه الدعوى ستكون مناسبة قضائية تنشد تحقيق العدالة لا غير، وسيؤكد خلالها القضاء المغربي وعيه بالمسؤولية وبالحياد الواجب طبقا لما يضمنه الدستور للقضاة من حماية من كل المؤثرات، وهي كذلك مناسبة سياسية بالنسبة للمسؤولين لكي يعيدوا النظر في منهجية تعاملهم مع المؤسسات المالية بأكبر قدر من الاحترام للمواطنين وللرأي العام، ويضعوا مصلحة الشعب المغربي فوق كل المصالح.