لأول مرة في تاريخ القضاء بالمغرب يقف البنك الدولي أمام المحكمة الابتدائية بالرباط كمدعى عليه في قضية من أدق القضايا، وذلك خلافا لما كان يُعتقد من تَمَتعِه بالامتياز وبالحَصَانة المطلقة طبقا لاتفاقية الأممالمتحدة المتعلقة بالحصانة لسنة 1947. القضية ذات الصلة لها بدايات ولها امتدادات علمية واستراتيجية تتعلق بالبحث الميداني المعروف بمشروع « رورال ستروك - RURALSTRUC « عهد به لفريق من الخبراء الباحثين المغاربة من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، المتكون من الاساتذة نجيب أقصبي، محمد المهدي وإدريس بنعطية، والذي تم تحريف مضامينه ونتائجه من قبل البنك الذي قام بنشرها بمعطيات خاطئة عن المغرب ضدا على إرادة الباحثين، وعلى اعتراضاتهم لديه وتنبيههم إياه بعدم نشره وتوزيعه. ومن المعلوم أن عددا من الدول ومنها دول افريقية قد سبق لها أن أثارت ضد البنك الدولي قضايا قضائية بسبب الإفلاس الاقتصادي الذي كانت من ورائه مخططات البنك الدولي واختياراته التي فرضها على شعوبها التي نتج عنها غالبا تراكم ديونها، وزيادة نسب الفقر واندحار نسبة التنمية البشرية والاجتماعية بها . وستكون أشواط الدعوى مناسبة قضائية تنشد تحقيق العدالة لا غير، والذي سيؤكد القضاء فيها وعيه بالمسؤولية وبالحياد الواجب، طبقا لما يضمنه الدستور للقضاة من حماية من كل المؤثرات، وهي كذلك مناسبة سياسية بالنسبة للمسؤولين لكي يعيدوا النظر في منهجية تعاملهم مع المؤسسات المالية بأكبر قدر من الاحترام للمواطنين وللرأي العام، ليضعوا مصلحة الشعب المغربي في مقدمة كل المصالح.