رحيل نيلسون مانديلا، الاسم الذي ارتبط بالصراع مع نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا، لم يثر فقط أصوات الرثاء والتأبين في العالم العربي، بل أثار أيضا أصواتا مخالفة غردت خارج السرب وأعادت النبش في سيرة الرجل، بين قائل إن مانديلا لم يكن أول من حارب نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولم يكن أقدم سجين جنوب إفريقي بسبب محاربته للنظام العنصري، ومن أدلى بشهادات يقول فيها إنه دعاه إلى اعتناق الدين الإسلامي، ومن استنكر الترحم عليه من العرب والمسلمين. الكاتب والداعية السعودي عصام مدير، أحد تلامذة الداعية الإسلامي المعروف أحمد ديدات، حكى جوانب من قصة شيخه مع الراحل نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا طيلة أيام النضال ضد الفصل العنصري. عصام مدير قال إن أضواء الشهرة هي التي أبرزت مانديلا في الساحة العالمية ودوره في إنهاء الفصل العنصري الذي لم يصنعه وحده كما يروج الإعلام العربي. مدير قال أيضا إن الإعلام العربي لا يذكر قيادات إسلامية في جنوب إفريقيا سبقت مانديلا في النضال ضد العنصرية واعترف مانديلا نفسه بذلك، مضيفا بأن الإعلام يذكر لمانديلا صموده في السجن 27 عاما لكن هناك رجل آخر مكث في السجن 30 عاما ولا يذكره أحد، هو الإمام الشيخ عبد الله هارون من كيب تاون، وقد سجن 30 عاما حتى توفي مناضلا ضد العنصرية. ويضيف مدير: «لم تعان فئة من العنصرية والظلم في جنوب إفريقيا أكثر من مسلمي كيب تاون الذين جلبهم الهولنديون في الأسر من أرخبيل الملايو وساموهم العذاب، كانت كيب تاون قبل أكثر من 300 عام غوانتانامو ومنفى المجاهدين وعلماء ودعاة مسلمي الملايو في الأسر حيث استعبدوهم لمدة قرنين. كان الهولندي في مستعمرته الجديدة في جنوب إفريقيا يحرق أي مسلم على الخازوق إذا وجد معه ورقة من مصحف أو أي كتابة بالعربية. وقد حظروا الإسلام، فكتم مسلمو كيب تاون إسلامهم وتظاهروا بالتنصر وحفروا الخنادق ليعلموا أولادهم القرآن، وكتبوا نسخة من المصحف من صدور حفاظهم بمتحف كيب تاون، وقد اعترف مانديلا في كتابه «مشوار طويل للحرية» أن مسلمي جنوب إفريقيا وكيب تاون بالذات سبقوه للنضال ضد العنصرية وزار قبر الامام عبد الله هارون، رغم أن عددهم يقل عن 1 في المائة من عدد السكان». ويروي مدير أن أول من عرض الإسلام على مانديلا بشكل مباشر وفي جلسة خاصة مطولة كان أحمد ديدات وأهداه ترجمة معاني القرآن وناقشه لأكثر من ساعة فاعتذر، نصح ديدات لمانديلا ألا يتحول إلى نجم سينما وألا يفتح بلاده على نموذج الغرب فيفسد قومه من الأفارقة، لكن مانديلا أراد الانفتاح على كل شيء. أما ناصر العمر، الأمين العام لرابطة علماء المسلمين، فقد حذر «مما يقع فيه البعض من الترحم على الكفار أو إلحاقهم بالمسلمين ورجاء الجنة لهم»، وذلك ردا على ما انتشر في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي من الترحم على الزعيم الإفريقي الراحل، نلسون مانديلا ووصف البعض له بأنه مسلم أو ممن يستحق الجنة. وقال العمر:» إن نيلسون مانديلا من باب العدل والإنصاف كان له أثر في تحرير جنوب إفريقيا العنصرية، وضحى وصبر طيلة 27 سنة، وقد تعجبت من أخلاق هذا الرجل وتمنينا أن يسلم، لكنه لم يعرف عنه أنه مات على الإسلام، بل إن كثيرا من العلماء والدعاة دعوه للإسلام فرفض ذلك». وبين العمر بطلان دعاوى البعض بأن مانديلا أحسن العمل وجاهد من أجل بلده وشعبه، وقال «هذا كلام مردود بالنصوص الصريحة»، مستدلا بحديث عائشة رضي الله عنها، حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن جدعان الذي كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ فقال: «لا ينفعه ، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين». أما الداعية السعودي عائض القرني، فقد ذكر بنص رسالة كان قد بعثها قبل سنوات للزعيم الجنوب إفريقي الراحل، نيلسون مانديلا، يهديه فيها نسخة من كتابه واسع الانتشار «لا تحزن» ويدعوه إلى اعتناق الإسلام، قائلا إن ذلك سيمحنه «العز في الدنيا والآخرة». وأعاد القرني، في تغريدة له على موقع تويتر، نشر الرسالة التي كان قد بعثها إلى مانديلا وجاء فيها: «تحية طيبة أيها الرئيس العظيم: لقد حصلت على المجد الدنيوي، ونلت الشرف العالمي، وأحرزت وسام التضحية، ولبست تاج الحرية، فأضف إلى ذلك الظفر بطاعة الله وبالإيمان به، واتباع رسوله، ولا يكون ذلك إلا بالإسلام، فأسلم تسلم، أسلم تنل العز في الدنيا والآخرة، والفوز في الأولى والثانية، والنجاة من عذاب الله. أسلمْ - أيها الرئيس العظيم - لتحييك الأرض والسماء، ويرحب بك مليار ومائتا مليون مسلم، وتفتح لك أبواب الجنة».