أظهر الجدل القوي الذي يواكب «الحوار الوطني حول المجتمع المدني» أن قناة التواصل بين وزارة الشوباني وعدد من الفاعلين المدنيين في المغرب أصيبت بالاختناق، وأن الوزارة، التي جاءت لتربط العلاقة بين جمعيات المجتمع المدني وتستمع إليها، ربما لن تسمع بعد اليوم سوى صوت الاحتجاج عليها، وبعده صمت القطيعة ثم التجاوز. ولعل أبرز دليل على ذلك هو مبادرة «الحوارات الموازية» التي أصبحت تشتغل في منأى عن مبادرة وزارة الشوباني، للتعبير عن احتجاجها على أشكال احتواء المجتمع المدني بدل اعتباره شريكا للدولة، كما ينص على ذلك الدستور. وقد اعتبر عبد الله ساعف، في آخر حوار موازٍ، أن لجنة الشوباني تسعى إلى فتح «حوار رسمي للحكومة، لن ينتج سوى التحكم في المجتمع المدني». وأضاف ساعف، الذي كان مرشحا لأن يكون نائبا لاسماعيل العلوي على رأس اللجنة الوطنية ل«الحوار الوطني حول المجتمع المدني»، أن ما كان يجب أن يكون خلال الحوار الوطني هو توفر «علاقة ندية بين المجتمع المدني والحكومة، وليس علاقة تحكم من الطرف الثاني في الأول». المشكل الذي يطرحه ساعف ومعه العديد من الفعاليات المدنية في المغرب يكمن في أن وزارة الشوباني لم تستوعب أن المجتمع المدني شريك وليس تابعا، ولم تقدر الأهمية التي أصبح يلعبها المجتمع المدني داخل الدول الديمقراطية؛ كما لم تستوعب أن الجمعيات في المغرب هي المعول عليه لتنظيم المغاربة الذين فقدوا آخر أمل لهم في الأحزاب السياسية، لتجنيب المغرب أي انفلات شعبي، لا يعرف أحد إلى أي هاوية قد يقود البلد.