لم يستطع عباس العزوزي، المدير العام لقناة «ميدي 1 تي في»، التحكم في نفسه وهو يتابع التقارير المتتالية المنشورة حول الفضائح المالية داخل القناة التي يديرها، فعمد قبل أيام إلى عقد اجتماع مع العاملين بالقناة، هاجم فيه مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، وعبد الله بوانو، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، كما هدد العاملين بالقناة الذين يسربون المعلومات إلى الصحافة. وحسب مصادر حضرت الاجتماع، فإن العزوزي كان يصر على وصف وزير الاتصال ب«الصغير»، خلال كلامه الذي كان صادرا عنه باللغة الفرنسية، كما كانت تتخلله بعض العبارات العربية الركيكة؛ وأضاف أن الوزير «يحشر أنفه في كل كبيرة وصغيرة»؛ مشددا، في الوقت نفسه، على أن قناة «ميدي 1 تي في» «ليست كالقناة الأولى أو القناة الثانية لترضخ لوزير الاتصال»، وذاهبا إلى مقارنتها بالقناة الفرنسية الأولى أو بقناة «فرنسا 24». وردا على مراسلة عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية، لرئيس مجلس النواب، التي طالبَ من خلالها المجلسَ الأعلى للحسابات بالتدقيق في ميزانية القناة بعد رصد جملة من الاختلالات المالية، وصف العزوزي القياديَّ في حزب العدالة والتنمية بكونه «خالقا للبلبلة»، متهما حزب المصباح بالرغبة في «الاستحواذ» على القناة. وقال العزوزي إن القناة التي يديرها لها أعداء وصفهم ب«العفاريت والتماسيح»، متوعدا العاملين في القناة الذين يسربون المعلومات إلى الصحافة ب«العقاب»، قبل أن يمر إلى تمجيد مرحلة وجوده على رأس القناة عندما اعتبر أن الأخيرة كانت في غرفة الإنعاش ماديا وأنه هو الذي أنقذها من الإفلاس. وبدت لغة «التحدي» طاغية في حديث العزوزي عندما اعتبر أن «لا أحد سيستطيع التغلب عليه لكونه يتمتع بمظلة حماية»، على حد وصف مصادر مطلعة، قائلا إنه رفع دعوى قضائية ضد جريدة «المساء» وطالبها ب500 مليون سنتيم «باش كلشي يدخل جواه»، قبل أن يوجه الكلام إلى الحاضرين قائلا: «إننا نخوض حربا، وعليكم جميعا أن تستعدوا». غير أن لقاء العزوزي بالعاملين في قناته، والذي وصفته مصادر مطلعة بكونه «ذا طابع تهديدي»، لم يتطرق إلى مجموعة من الأمور الحساسة، حيث لم يكذب المدير العام لقناة «ميدي 1» ما صدر في تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات حول القناة، وتفادى الحديث عن المكتب الذي تكتريه القناة في الرباط ب100 ألف درهم شهريا، كما لم يتطرق إلى موضوع ابن أخته الذي أقاله بعد يوم واحد على نشر «المساء» خبر توظيفه في مكتب الرباط وغيابه المستمر عن عمله لفترات تتجاوز الشهرين. الاجتماع، الذي دعا إليه العزوزي بعد أن ضاق حوله الخناق، حمل للعاملين بالقناة، حسب مصادر حضرته، إشارات إلى ضرورة التزام الصمت وعدم التواصل مع الصحفيين والسياسيين؛ كما حضر هذا الاجتماعَ أشخاصٌ غرباء «أعطوا الانطباع بأنهم متفوقون وذوو نفوذ»، حسب وصف مصادر مطلعة، فيما غابت عنه مسؤولة الإنتاج «الشهيرة»، وعرج خلاله العزوزي على قضية التفاوت في أجور العاملين بالقناة، معتبرا إياها مسألة خاصة بكل صحفي وتدخل في اختصاص الإدارة وحدها. وعلى علاقة بالفضائح المالية التي تعرفها قناة «ميدي 1 تي في»، طفت على السطح تساؤلات تهم المسطرة المعتمدة من لدن القناة في اقتناء الأعمال التلفزية الدرامية، خاصة بعدما تأكد رفض القناة لإنتاج مسلسل «الكوبل» الذي حقق نسب مشاهدة قياسية على القناة الثانية، في حين أصر المدير العام على إنتاج مسلسل «مينة» الذي حقق نسبة مشاهدة متدنية، إلى جانب أعمال أخرى سارت على المنوال نفسه، مما أدى إلى نزول نسب متابعة القناة في رمضان إلى الحضيض. من جهة أخرى، بدأت ترتفع أصوات تطالب مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، المساهم الأكبر في قناة «ميدي 1 تي في»، إلى مراقبة مالية القناة ومحاسبة المتورطين في الفضائح المالية، لكونها مؤسسة عمومية وتستثمر أموال مقتطعة من جيوب المواطنين؛ كما دعت أصوات أخرى إلى الكشف عن لائحة أجور العاملين في القناة، خاصة وأن أجور بعض الصحفيين توصف ب«الخيالية».