أفادت إحصائيات أوردها تقرير مركز التنمية لجهة تانسيفت، حول جودة الهواء بمراكش، بأن هذه الأخيرة سوف تستقبل في أفق سنة 2025 نحو عشرة ملايين زائر من المغاربة والأجانب و200 ألف سيارة وأزيد من ضعف هذا العدد من الدراجات النارية والهوائية، محذرا من آثار هذه التطورات على البيئة وجودة الحياة بالمدينة. وسجل التقرير أن حظيرة السيارات بمراكش تتكون حاليا من 120 ألف سيارة تضاف إليها سنويا ستة آلاف سيارة جديدة، أي بزيادة تصل إلى 4 في المائة، مفسرا هذه الظاهرة بالتحسن في مستوى العيش والتسهيلات في الوصول إلى القروض، واقتناء السيارات المختلفة وبأثمنة مغرية تندرج ضمن ولوج ساكنة المدينة إلى مرحلة مجتمع الاستهلاك. ولاحظ أن ملامح هذا التحول، الذي اكتسح كل مجالات الحياة، بدأت منذ عشر سنوات، مع تزايد الطلب على الإقامة بمراكش من طرف الأجانب (20 ألف فرنسي يقيمون بمراكش بصفة دائمة) والمغاربة، خاصة بعد تشغيل الطريق السيار الدارالبيضاء-مراكش، ناهيك عن جاذبيتها السياحية كوجهة أولى على الصعيد الوطني تستقبل حاليا ما يقارب خمسة ملايين زائر. وذهب التقرير إلى أن الوافدين على المدينة الحمراء وجدوا ضالتهم في المشاريع السكنية الكبرى المتنوعة والمنجزة من قبل المؤسسات العمومية والمقاولات الخاصة، حيث بدأ السكن العمودي يعوض الإقامات الفردية والفيلات السكنية من طابق أو طابقين، لتنتصب العمارات والبنايات السكنية الشاهقة في جل أحياء قلب المدينة. كما توقف عند الآثار السلبية المترتبة عن هذه التحولات، وما تلحقه من أضرار على مستوى تلوث مناخ المدينة، جراء ارتفاع عدد العربات والآليات وتقادم أعداد كبيرة منها، ناهيك عن طبيعة المحروقات المستعملة والتي أدت، حسب خلاصات جمعية علوم الحياة والأرض، إلى تزايد تردي جودة الهواء بمراكش. وفضلا عن ذلك، أثار تقرير المركز مخاطر الحوادث والاصطدامات، إذ سجل أن مدينة مراكش بلغت رقما قياسيا في حوادث السير ب2800 حادثة سنة 2008، أي ما يمثل 6 حوادث في اليوم، وعزا السبب إلى غياب الحس المدني وعدم احترام قوانين السير. أما عن وضعية قطاع النقل العمومي بمراكش الذي يفترض فيه أساسا التخفيف من حدة اختناق المدينة والتقليص من الحوادث، فأبرز التقرير أنه بالرغم من تفويته إلى القطاع الخاص ونقله لقرابة 150 ألف شخص في اليوم، فإن هذا الرقم لا يمثل في الواقع حاليا إلا ثلث الأشخاص الذين يتوافدون يوميا على المدينة، وبالتالي فإن وسائل النقل الفردية تظل هي الوسيلة المهيمنة في التنقل داخل المدينة. ومعنى ذلك، يلاحظ التقرير، أن الأوضاع تسير في اتجاه التأزم ما لم يتم التفكير بجدية في إيجاد البدائل الممكنة على المديين القريب والبعيد، محذرا في الوقت ذاته من تفاقمها، خاصة وأن مشاكل السير مرشحة للتطور أكثر مع المشاريع السكنية الجديدة الموجودة في طور الإنجاز بالمدينة بطاقة إيوائية تسع 400 ألف ساكن. وأورد التقرير، في هذا السياق، أن جودة الهواء بمراكش بدأت تتأثر فعلا من هذه الوضعية، مستدلا على ذلك بحملة القياس المنجزة في مايو 2006 برعاية مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والتي خلصت إلى تسجيل مقادير لا يستهان بها من المواد السامة والعالقة في الهواء، خاصة بالنسبة إلى الأوزون الذي يفوق تركيزه معايير المنظمة العالمية للصحة، وهو ما يفرض درجة عليا من اليقظة.