أجمع مشاركون في ندوة وطنية حول محاربة الأمية على ضرورة تقويم استراتيجيات وبرامج محو الأمية بالمغرب، خاصة بعد ضعف مؤشر سلم التنمية البشرية الذي وضع المغرب في الرتبة ال127 من أصل 177 دولة، مؤكدين أن هذه الاستراتيجيات يجب أن تتوافق مع مفهوم الأمية الجديد الذي تجاوز بعده التقليدي لينتقل من أمية أبجدية إلى أمية وظيفية وحضارية. ووصف لحسن مادي، الكاتب العام للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية، في تصريح ل«المساء» على هامش ندوة «محاربة الأمية إلى متى؟»، واقع الأمية في المغرب بالكارثي، ودعا إلى التخلي عن المقاربة الإدارية الصرفة وضرورة اعتماد مقاربة تربوية وتنموية بديلة تعتمد الكيف أكثر من اعتمادها على الكم. وفي سياق ذلك، أشارت لطيفة بناني سميرس، التي تعذر عليها الحضور وألقى كلمتها بالنيابة عنها أحد المشاركين، إلى ضرورة سن قانون يلزم المواطنين بمحو أميتهم، وأكدت أنها ستعمل على هذا المشروع وعلى تطويره، من خلال موقعها التشريعي كرئيسة فريق الاستقلالي بمجلس النواب. وتخلل الندوة، التي عقدت أول أمس بمقر جهة الرباطسلا زمور زعير، عرض شريط وثائقي لتجربة فرع العصبة بأزيلال، يوضح اشتغال هذا الأخير في ظروف صعبة ومسالك طرقية وعرة. إلى ذلك، تركز عرض الدكتور البشير تامر، أستاذ كرسي اليونسكو لمحو الأمية وتعليم الكبار، على البحث في مفهوم الجودة ضمن محو الأمية وضرورة تأسيسه على البحث العلمي وتتبع نجاعة ومردودية البرامج وقياس أثرها من أجل تحسينها. فيما تناول عرض الدكتور إسماعيل المساوي، الباحث في مجال محاربة الأمية، على دور العصبة في تنفيذ برنامجي التربية الأساسية ومحاربة الأمية، وعلى أسباب تراجع الحماس الوطني لحملات محاربة الأمية، حيث أرجعها إلى أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وفي سبيل الحد من هذه الآفة الخطيرة التي تعوق مستقبل التنمية في بلادنا، تم اقتراح توصيات في الندوة من قبيل تشجيع البحث العلمي في مجال محاربة الأمية والتأكيد على دور المجتمع المدني كوسيط حقيقي لمواكبة تحقيق سياسة الدولة في هذا المجال، إلى جانب تفعيل دور الإعلام في مجال التحسيس والتواصل والتوعية. يذكر أن العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية تأسست سنة 1956، تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد الخامس، وحددت في برنامجها العام سنة 1965 آخر سنة للقضاء على الأمية، إلا أنها وبعد انقطاع اضطراري عادت لعقد مؤتمرها الوطني الثاني في مارس 2000، كما تمكنت من تأسيس 120 فرعا تابعا لها عبر أنحاء المغرب.