« لن أعطي أ ي تصريح ل «المساء»... أنتم لكم موقفكم مني... لكم حرية التعبير، كتبوا لي بغيتو...» هكذا رد السيد وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، على طلب «المساء» تقديم جواب على انتقادات من أطراف في المجتمع المدني وجهت للجنة التنسيق في التواصل الحكومي، التي أُعلن عنها يوم 6 فبراير الأخير. وتتميما لهذا الرد التواصلي، لم يمهلنا سعادة الوزير لحظة زمن لنفسر له الأمر، بل أقفل هاتفه المحمول في وجهنا ! لم نتمكن، إذن، من استيقاء رأي السيد وزير الاتصال في موضوع هو من عمق الاتصال ومن عمق تخصصه. في السياق ذاته، قال سعيد السولامي، مدير مركز حرية الإعلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إنه «عندما يصرح وزير الاتصال بأن «الجمهور المغربي من حقه الاطلاع على نتائج العمل الحكومي»، فإنه لا يوضح أن هذا الحق يعني الحق في التوصل إلى المعلومة العامة كما يضمنه، اليوم، القانون الدولي وكما هو يمارس في المجتمعات الديمقراطية.» وكان قانون التواصل بين الحكومة والمواطنين موضوع مطالب من جهات عدة حزبية وأخرى من المجتمع المدني. إذ طالبت هذه الجهات بخلق قاعدة قانونية تلزم الحكومة بالكشف عن المعلومات للجمهور الواسع بقوة القانون بدل أن يبقى الأمر مستحوذا عليه من قبل الجهات الرسمية؛ لكن هذا الكشف لا يعني المعلومات المعروفة، بل «الملفات وخباياها، يقول السولامي، وما يتعلق بالصفقات العمومية، مثلا، والبرامج الحكومية وميزانيتها وحساباتها وكيفية تدبيرها...». وفي توضيح موقفه من اللجنة التواصلية الحكومية قال مركز حرية الإعلام في بلاغ له إنه «حان الوقت لكي تنكب الحكومة والبرلمان على هذه القضية الأساسية، التي من دونها سيفقد الجمهور ثقته في العمل الحكومي.» وأكد المركز على أن إحداث هذه اللجنة «إجراء لا يمكنه أن يغطي على استعجالية إصدار قانون يضمن حق المواطن في الولوج إلى المعلومة العامة». وإذا كان مدير مركز حرية الإعلام يتفاءل في شأن صدور قانون في هذا الاتجاه خلال العام الحالي، فإن ذلك يطرح قضية الضغوطات التي تفرض على المغرب من الخارج ومن الداخل في إطار ضرورة تكييف قوانينه مع القوانين الخارجية انسجاما مع متطلبات الاتفاقات التي تربط المغرب مع الأطراف الخارجية. في هذا الإطار كشف السولامي على أن «المغرب يمد المؤسسات الدولية بما تحتاجه من وثائق ومعلومات حول الملفات التي تشتغل عليها، إلا أن ذلك يبقى طي الكتمان...»، مؤكدا على أن «المعلومة هي ملك عمومي ولا يحق مصادرتها من قبل جهات معينة.» ويكاد يحقق مطلب إعداد قانون ينظم التواصل الحكومي مع المواطنين توافق جميع الهيئات الوطنية والمؤسسات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعجل بتحقيقه على أرض الواقع. في هذا الاتجاه أسفر بحث أجراه مركز حرية الإعلام عن أن 299 مقاولة من أصل 300 عبرت عن حاجتها لقانون من هذا النوع، وطالبت بسنه. يذكر أن الحكومة سبق وأن حاولت تسهيل التواصل مع المواطنين من خلال إحداث الإلكترونية. إلا أن هذا الإجراء لم يف بالغرض اعتبارا لأن العراقيل الإدارية أكبر من أن تُحل بمجرد وسيلة إلكترونية ليست في متناول جل مكونات المجتمع. واعتبرت أطراف من المجتمع المدني أن ذلك الإجراء جاء ليغطي على ما تشهده الإدارة المغربية من بيروقراطية ومن تفش لمظاهر الفساد.