حوّل أغلب أصحاب السيارات بوجدة والمدن الجهة الشرقية وجهتهم إلى محطات الوقود المغربي القليلة التي بقيت «صامدة» وقاومت المنافسة الشرسة، و التي عرفت انتعاشا ملحوظا نتيجة ارتفاع سعر الوقود الجزائري المهرب. وعرفت أسعار الوقود المهرب من الجزائر ارتفاعا صاروخيا هذا الأسبوع بالنظر إلى ما كانت عليه قبل شهور قليلة، وأصبح أصحاب السيارات، نتيجة ذلك، يفضلون التوجه نحو محطات البنزين المغربية بدل المهربين أو المتاجرين في الوقود المهرب. وقفز سعر برميل سعته 30 لترا من البنزين من 130 درهما إلى أكثر من 300 درهم, أي بنسبة تفوق 150 في المائة في الوقت الذي يصل ثمنه في المحطات إلى حوالي 360 درهما، مع الإشارة إلى أن الوقود المهرب أقل جودة بل يشكل خطرا على محركات السيارة العصرية والتي يفضل أصحابها التزود بالبنزين المغربي مخافة الأعطاب المستعصية والمكلفة. ونتجت هذه الوضعية الجديدة بعد إجراءات العسكر الجزائري الشديدة والصارمة على الشريط الحدودي الجزائري, وتضييق الخناق على المهربين وتصنيفهم في خانة «الإرهابيين» الذين يستهدفون أمن واقتصاد وصحّة الجزائريين، وإصدار أحكام قاسية بالسجن بين 5 و15 سنة للمهربين وغرامات تساوي 20 مرة قيمة السلع المحجوزة. وعرفت الجهة الشرقية، نتيجة تهريب الوقود الجزائري، انعكاسات سلبية منها الانخفاض الملموس لاستهلاك الوقود الوطني، وإغلاق العديد من محطات الوقود بالمدن الحدودية (ضمن 20 محطة بوجدة، لم يعد يتبقى إلا ستة (3 محطات «لشال» وواحدة ل«طوطال» وأخرى ل«أجيب» والسادسة لP ، وهي تحاول تعويض خسارتها بتقديم بعض الخدمات للمواطنين كالغسل والتشحيم أو تحولت إلى مرائب أو أغلقت نهائيا، أما على الطريق بين وجدة وفجيج، فلا وجود إلا لثلاث محطات للوقود، الأولى في عين بني مطهر، والثانية في بوعرفة والثالثة في فجيج، تعاني بدورها من قلة الزبناء ما عدا بعض الإدارات العمومية، بينما لا توجد أي محطة ببني درار و أحفير. تكبدت شركات النفط الوطنية خسارة فادحة سنوية تراوحت ما بين 45 و60 مليون درهم، فيما تكبدت الخزينة العامة للدولة، خسارة تفوق 150 مليون درهم سنويا وقد تتجاوز 200 مليون درهم. كما ولدت هذه الظاهرة اعتماد الوقود المهرب على نطاق واسع، شمل حتى الصناعات المحلية (الآلات ووسائل النقل)، مما قد يعرض الجهة لأزمة غير مسبوقة، كما جاء في الكتاب الأبيض الذي أنجزته غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بوجدة سنة 2004، في حال لم تتحرك الدولة بأقصى سرعة لإيجاد البديل (كدعم الدولة للمادة مثلا، أو منح محطات الوقود تسهيلات لبيع نسبة معينة من الوقود المهرب 40 % مثلا، إلى جانب الوقود المغربي)، من أجل تحفيز المستهلك على شراء الوقود الوطني. ومن جهة أخرى، يعتبر الوضع الجديد إيجابيا بالنسبة للاقتصاد الوطني المغربي وفرصة لتحرر المنطقة من هذه الآفة، ولا بدّ من التفكير الآن في إنعاش محطات الوقود المقفلة بل مضاعفة عددها بمختلف مناطق ومدن الجهة الشرقية حتى تتمكن من تلبية حاجيات المستهلك وتوفير هذه المادة الحيوية التي تعد ضرورية بالعالم القروي حيث تشغل محركات مختلف الآلات الفلاحية والمضخات. وتجدر الإشارة إلى أن مختلف المصالح الأمنية بولاية أمن وجدة في إطار محاربتها لظاهرة التهريب التي تنخر الاقتصاد الوطني، تمكنت خلال السداسي الأول من السنة الجارية من حجز أزيد من 300 ألف طن من الوقود المهرب و455 ناقلة معدة للتهريب (مقاتلة) بما فيها 15 شاحنة و15 حافلة. ومن جهتها، نجحت عناصر الدرك الملكي التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي بمدينة وجدة، في عمليات كبيرة متفرقة على مستوى مختلف طرقات الجهة الشرقية، في حجز شاحنات ومقاتلات محملة بأكثر من 100 ألف لتر من الوقود المهرب من الجزائر قادمة من الشريط الحدودي المغربي الجزائري ومتوجه إلى مختلف مدن الجهة الشرقية والمدن الداخلية.