شجبت نقابات وجمعيات محاولات من وصفتها ب«المافيات المنظمة» استغلال أحداث خنيفرة، التي اندلعت، في فاتح رمضان الجاري، عقب مقتل شخص في مواجهات بين دورية لرجال المياه والغابات ومجهولين يشتبه في تورطهم في نهب الغابة بمنطقة أجدير، وسعيها إلى تأجيج الوضع لحماية مصالحها. وقالت المصادر ذاتها، في بيان مشترك «إن هذه اللوبيات تسعى للاستفادة من هذه الواقعة المؤسفة، لتكبيل أيدي الغابويين، لكي يخلو لها المجال لمواصلة اعتداءاتها الخطيرة على الملك الغابوي»، معربة عن أسفها الشديد لوفاة المواطن عبد الرحيم أبراوي في هذه الظروف، معتبرة أنه راح ضحية منظومة مركبة. وأبدت المنظمات المذكورة رفضها الاقتصار على المعالجة الجنائية لمثل هذه الحوادث، سواء كان ضحيتها مواطنا أم غابويا، مؤكدة على قصور هذه المقاربة ما لم تصاحبها إرادة فعلية، ترتكز على سياسة غابوية شاملة معززة بترسانة قانونية تضمن حماية الثروة الغابوية من جهة، وكذا ضمان حقوق انتفاع الساكنة المجاورة وحماية الساهرين على تدبير هذا القطاع من جهة أخرى، في أفق فض الاشتباك اليومي بين الطرفين، ولصالح علاقة تشاركية فعلية مع السكان المجاورين للغابة وذوي الحقوق تمكنهم من الاستفادة المشروعة والعادلة من عائدات الثروة الغابوية، عوض جعلها حكرا على النافذين، وترك الغابويين العاملين في الميدان في مواجهة مكلفة مع مواطنين هم في الأصل ضحايا الإقصاء الاجتماعي والمجالي وغياب التنمية القروية، قبل أن تنطبق عليهم صفة «المخالفين الغابويين». وأشادت الهيئات الموقعة على هذا البيان، بينها النقابة الوطنية للمياه والغابات، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، وجمعية التقنيين الغابويين، بعمل الغابويين الميدانيين النزهاء وحثتهم على مواصلة جهودهم في التصدي بالوسائل القانونية لمافيا الغابات، حماية للثروة الغابوية، التي هي ملك لكل المغاربة وللأجيال القادمة، معلنة استعدادها للمؤازرة الفعلية للغابويين المعتقلين، وطالبت في الوقت نفسه، بمتابعة المعنيين في حالة سراح أخذا بعين الاعتبار الضمانات المتوفرة. ودعا البيان الجهات المسؤولة إلى فتح تحقيق نزيه في هذه النازلة، لاستجلاء الحقيقة كاملة، مشددا على ضرورة توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة بعيدا عن أي مزايدات، ودون تبخيس لحقوق الضحايا، حتى تتحقق العدالة. وأضاف أن هذا الحادث، وغيره من المواجهات بين الغابويين والساكنة المجاورة للغابة، لا يمثل إلا عنوانا بارزا لمواجهة مفتوحة ودائمة بين الغابويين الميدانيين، الذين يقومون بواجبهم المهني، والملايين من القرويين، الذين تدفعهم الحاجة والفقر إلى امتهان الاعتداء على الملك الغابوي، سواء من خلال الترامي أو الرعي الجائر أو القطع، إلى غيرها من المخالفات والجنح التي يجري ضبطها في ظروف لا تخلو من الخطورة على الجانبين، في غياب سياسة غابوية وتنمية محلية واضحة المعالم، وهو ما تمخض عنه ظهور عصابات منظمة ومافيات متخصصة في سرقة الغابة، حسب تعبيره. وللإشارة، فإن التقنيين الغابويين الثلاثة، المتهمين بقتل المواطن سالف الذكر، أحيلوا، في حالة اعتقال، على أنظار قاضي التحقيق باستئنافية مكناس، الثلاثاء المنصرم، في إطار الاستنطاق الابتدائي، قبل أن يتقرر تأجيل القضية إلى 9 غشت المقبل. هذا في الوقت الذي لا يزال فيه التحقيق جاريا مع 6 من المشتبه في تورطهم في مواجهات فاتح رمضان. فيما صدرت مذكرة بحث في حق ثلاثة أشخاص آخرين في الملف نفسه.