استبق حكيم بنشماس، الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة، المفاوضات التي سيجريها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لترميم أغلبيته، بالقول إن حزب الأصالة والمعاصرة «متشبث بخطه السياسي الواضح، وليس مستعدا للمشاركة في هذا العبث»، وأنه «ليس هناك ما يستوجب خلط الأوراق، وتغليط المغاربة»، مضيفا «نقول لمن يرغب في ذلك وفر مجهودك.. راك غلطت في العنوان». بنشماس الذي حل ضيفا أول أمس على وكالة المغرب العربي للأنباء، قال إن «الخط الأحمر أصبح ورديا أو أبيض»، و«أهلا وسهلا بالمشاورات إذا كان هدفها مناقشة المشاكل التي يعاني منها البلد، أما إذا اتخذ شعار المشاورات للتمويه على أشياء أخرى تدبر تحت الطاولة فنحن نرفض هذا الدور». وأكد بنشماس على أن أي مشاورات محتملة يقوم بها رئيس الحكومة بعد انسحاب حزب الاستقلال لن يطرح فيها أي سؤال حول مشاركة حزب الأصالة والمعاصرة لأن هذا أمر «حسم فيه». وربط بنشماس رغبة رئيس الحكومة في القيام بمشاورات مع الأحزاب السياسية ب«صحوة ضمير، ووعي متأخر بهذا الأمر»، وقال: «سبق أن آخذنا على الحكومة ورئيسها عدم القيام بذلك، رغم اللحظات الحرجة التي كانت تفرض عليه التنازل عن الغرور والاستعلاء، ونحن نحذره من أن يتحول إلى رئيس حكومة لبعض المغاربة، ومن أراد التشاور معنا فعنواننا معروف بطريق زعير» قبل أن يضيف أن «اللي درها بسنيه يفكها بيديه». وجدد بنشماس، الذي كان يتحدث بحضور عدد من الوجوه البارزة في الحزب، وعلى رأسهم إلياس العماري، اتهام حزب العدالة والتنمية بالسعي نحو بسط هيمنته على المؤسسات الدينية، والتغلغل في المجالس العلمية، وقال إن هناك إصرارا على ترويج قاموس لغوي ينهل من الخرافة، ونوع من الحنين إلى الاستبداد والهيمنة على مفاصل الدولة والمجتمع. وأكد أن تجليات ذلك كثيرة، منها تعامل بنكيران مع وزرائه بالأستاذية، ومحاولة التحكم في الإعلام والمجتمع. وأشار بنشماس إلى أن الحوار الوطني حول المجتمع المدني دبر بعقلية تحكمية، تعكس نزعة الاستحواذ، بالإضافة إلى «الابتزاز باسم الشارع، والتهديد بالنزول إليه، بشكل غريب لا يليق برجالات الدولة». وقال بنشماس إن الحكومة تعطي الانطباع بأنها ثقب أسود في مرحلة مضيئة، بعد أن قامت بتجميد الدستور ولجمه، في إطار نوع من الردة الديمقراطية. واتهم حزب المصباح بتغليب المرجعية الدعوية على المرجعية الدستورية من خلال استعمال لغة الخرافة. وتعليقا على تداعيات انسحاب الاستقلال من الحكومة، والطريقة التي تعامل بها بنكيران مع استقالة الوزراء الاستقلاليين، قال بنشماس إن «ذلك نوع من المسلسلات التي ستلهي المغاربة في شهر رمضان، وهو ما لا نتمناه». وأكد القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة على أن بنكيران مخير الآن بين ترميم أغلبيته أو تقديم استقالته، وحل البرلمان، والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، رغم أنهم «يتعاملون مع هذا الخيار بمزايدات سياسية»، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية. و حرص بنشماس الذي استعار الكثير من الجمل التي وردت في تصريحات سابقة له، على تشريح حصيلة الحكومة، وقال إن هناك عدة مؤشرات تدعو إلى القلق، منها تفاقم المديونية بشكل مخيف بعد أن وصلت إلى 60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وأكد أنه يشكك في هذا الرقم بحكم أنه لا يعكس الواقع، في الوقت الذي وصل عجز الميزانية إلى أكثر من 7 في المائة. كما انتقد بنشماس من يفتري على المصلحة الوطنية، وقال إن مصلحة الوطن صارت منذ فترة «ملاذا لكل من يريد أن يدشن انقلابا على موقف حزبه»، وأن هناك «أحزابا تشارك في الحكومة ضدا على مرجعيتها، وضدا على إرادة الناخبين، وتختبئ وراء المصلحة الوطنية». وسخر بنشماس من استدعاء بنكيران المتكرر لقاموس «كليلة ودمنة»، في سياق حديثه عن وجود جهات تسعى «للتشويش وعرقلة مشاريع الإصلاح إن وجدت»، وقال إن رئيس الحكومة سبق أن صرح بأن المغاربة تحرروا بفضل الربيع العربي من عقدة الخوف، «لذا نقول له: تحرروا أنتم أيضا من عقدة الخوف ولتسموا الأشياء بمسمياتها». وقال بنشماس إن بنكيران ملزم بالكشف عن التماسيح والعفاريت التي يتحدث عنها للتغطية عن فشله في التدبير. وأضاف بأن حزبه وضع أيضا مصطلح الدولة العميقة الذي استعاره من الإخوان المسلمين في مصر، للحديث عمن يسعى للتشويش عليهم، وقال: «ليملك رئيس الحكومة الشجاعة، ويترك الساروت، ويخرج بشرف ليعلن من هم المشوشون». وحذر بنشماس رئيس الحكومة من الاستمرار في نفس الأخطاء التي قادت إلى الإطاحة بالرئيس مرسي في مصر، وقال إن الحكومة أصدرت إلى حد الآن قانونا تنظيما واحدا، يتعلق بالتعيين في المناصب العليا، «وشاهدنا ما فعلت به، وكذا المنطق الذي تحكم في هذه التعيينات، وقلنا حذار من التعامل مع هذا الموضوع بمنطق حزبي ضيق، لأن هذا من بين الأسباب التي أطاحت بمرسي في مصر».