نفذ حميد شباط، الأمين العامّ لحزب الاستقلال، تهديداته ضد «تمرّد» محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، على قرار انسحاب وزراء الحزب من حكومة عبد الإله بنكيران، بعد أن قررت الأمانة العامة توقيفه عن مهامّه الحزبية، مع رفع ملفه إلى اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب، طبقا للمادة ال73 من القانوني الأساسي للحزب. وسارعت الأمانة العامة، لحظات بعد انتهاء مهلة 24 ساعة التي مُنحت للوفا من أجل التراجع عن تمرده ورفض تقديم استقالته، أسوة بباقي وزراء الحزب، إلى إصدار بيان ناريّ ضد صهر علال الفاسي، مؤسس الحزب، بسبب «عدم انضباطه لقرار المجلس الوطني القاضي بانسحاب الحزب من الحكومة، وقرار اللجنة التنفيذية القاضي بتقديم وزراء الحزب استقالاتهم لرئيس الحكومة». ويبدو أنّ تهديدات شباط للوفا، التي ترجمها بقرار توقيفه عن مهامّه في الحزب كعضو للمجلس الوطني وإحالته على لجنة التأديب، لم يكن لها أي صدى عند سفير المغرب الأسبق في البرازيل والهند، إذ كشفت مصادر مقرّبة منه أنه إلى حدود صباح أمس ظل ثابتا على موقفه الرافض للاستقالة من حكومة بنكيران وتأكيده أنّ مستقبله الحكومي بيد ملك البلاد. يأتي ذلك في وقت طالب أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وزيرَ التربية الوطنية بالوضوح في مواقفه. وقال في اتصال مع «المساء»: «يتعين عليه الوضوح.. إلى كانْ ما مرتاحشْ في الحزب يمكنه تقديم استقالته مْنو ويدخل للعدالة والتنمية.. أمّا اتخاذ هذا الموقف الملتبس فيضرّ بالسياسة وبنظرة المواطنين إليها». وكان الوفا قد أعلن أنه لن يرضخ لقرارات شباط، ولن يقدّم استقالته إلا في حالتين، الأولى هي أن ينتقل إلى جوار ربه، والثانية هي أن يطلب منه الملك ذلك.. إلى ذلك، اضطرّ وزراء الاستقلال المستقيلون إلى حضور المجلس الحكومي، الذي انعقد صباح أمس الخميس، وهو المجلس الذي اختار عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، من خلاله توجيه رسائل إلى من يهمّهم الأمر بعدم إيلاء أهمية لاستقالات وزراء شباط، بعد أن أدرج ضمن جدول أعمال المجلس الحكومي تقديم فؤاد الديوري، وزير الطاقة والمعادن، عرضا مفصلا حول الإستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع المعدني. وقال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى وسياسة المدينة، ل«المساء»، لحظات قبل دخوله إلى المجلس الحكومي: «تشتغل الحكومة بشكل عادي، ووزراء الاستقلال حضروا ويمارسون مهامّهم بشكل عادي حتى تقبَل استقالاتهم». من جهة أخرى، كشفت مصادر قيادية في الأغلبية الحالية أنّ اتصالات يومية وتشاورا يجري بين بنكيران وقادة كل من الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، لإطلاعهم على ما استجدّ بشأن استقالة وزراء الاستقلال، مشيرة إلى أنّ قيادات الأحزاب الثلاثة ستلتقي بعد أن يقدم رئيس الحكومة الاستقالات إلى الملك. وحسب المصادر، فإنّ بنكيران مضطرّ إلى انتظار الرد الملكي على تلك الاستقالات قبل أن يقدم على أحد السيناريوهين: تقديم استقالته وتجديد الثقة فيه، ليشرع بعدها في المفاوضات مع الحركة والتقدم والاشتراكية والأحزاب التي ينتظر أن تعوض الاستقلال، فيما يكمن السيناريو الثاني في سلوك بنكيران مسطرة دستورية هي حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها. من جهة ثانية، خفّف عبد العزيز أفتاتي، النائب الإسلامي الذي خاض حربا ضروسا ضد صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، على خلفية فضيحة «العلاوات»، من حدّة انتقاداته للأحرار، مشيرا إلى إمكانية التحالف مع التجمعيين، وقال في حديث إلى «المساء»: «التحالف مع الأحرار هو بيد المجلس الوطني للعدالة والتنمية.. المشكل كان مع بعض النافذين، لا ننكر ذلك، لكنه لم يكن بين الحزبين.. والأمر نفسُه مع حزب الاستقلال».