مع سعي الإنسان إلى تقليص الفجوة بين ما يحتاج إليه وما يشبع هذه الحاجة بالصورة المرغوب فيها وبالشكل المطلوب في المكان المناسب والزمان الملائم، و مع تغيير نظام العمل، وتزايد ظاهرة المرأة العاملة وارتفاع نسبة العزوبية والعائلة المصغرة، صارت الحاجة أكثر إلحاحا للأغذية الجاهزة والمعلبة وسريعة التحضير، بل وصارت هذه الأغذية على الموضة، مما جعل جسم الإنسان يتعود عليها ويدمنها، إلى أن ظهرت موجات التوعية الغذائية ورددت على مسامعه مصطلحا غريبا أفسد عليه متعته بطعامه اللذيذ، فما الذي يختفي وراء مصطلح المواد الحافظة، وهل يستحق فعلا كل هذه الضجة؟ المواد الحافظة هي مواد كيميائية تساعد على إعاقة أو منع أي تغييرات غير مرغوبة في الأغذية كتلك الناتجة عن الميكروبات مثلا، تتم إضافتها بكميات قليلة للغذاء، حسب نوعيته وطريقة تصنيعه ثم حسب نوع الميكروب الذي من الممكن أن يحدث به التلف، وبذلك يمكننا اعتبارها كمركبات تستخدم لمنع تلف المنتج الغذائي، وبالتالي تمديد فترة صلاحيته. ونذكر على سبيل المثال الملح والسكر والمضادات الحيوية وبعض الأحماض، كحمض البنزويك وأملاحه المستخدمة مثلا في عصائر الفاكهة والمشروبات الغازية، وحمض السوربيك وأملاحه، الذي يستخدم لوقف نمو العفن والفطريات في المخللات والعصائر، وحمض البروبيونيك كمضاد فطريات يضاف لحفظ الدقيق والمعجنات. وقد أثبتت بعض الدراسات الحديثة سميته واعتبرته مادة مسرطنة، وأملاح النتريت والنترات تعتبر مواد سامة إن تجاوزت الحد المسموح به، ويؤدي تفاعل النيترات مع الهيموغلوبين إلى تكوين مركب يتسبب في ضعف شديد في نقل الأوكسجين عبر الدم. إضافة إلى أن تحول النترات إلى أيونات النتريت واتحادها مع بعض الأحماض الأمينية في الجسم يؤدي إلى تكوين مركبات النتروزامينات التي قد تكون سببا في ظهور عدة أمراض سرطانية، ويستعمل ثاني أوكسيد الكربون لحفظ اللحوم والأسماك مع التبريد من خلال إبعاده للأوكسجين اللازم لحياة الكائنات الدقيقة. أما ثاني أوكسيد الكبريت المستخدم في الزبيب والفاكهة المجففة عموما، والذي غالبا ما يكون استخدامه بإسراف بهدف إعطائها لونا فاتحا ولامعا، فهو مادة غير مرغوب فيها لتسببها بعدة أضرار صحية.
إيمان أنوار التازي أخصائية في التغذية والتحاليل الطبية