قطع حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، «شعرة معاوية» مع عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بعد أن عاد غداة الاستقبال الملكي له بوجدة إلى شن هجوم شديد اللهجة عليه، دشنه خلال مروره بالبرنامج التلفزيوني»90 دقيقة للإقناع»، وأنهاه خلال لقاء نظمته جمعية الاقتصاديين الاستقلاليين بالدار البيضاء. وكان لافتا نفي شباط وجود أي تدخل للقصر في قرارات حزب الاستقلال، وقال بلغة واضحة: «الملك لا يقرر مكاننا، وحزب الاستقلال له قراره السياسي المستقل» وذلك عندما سئل حول موضوع اختباءه وراء الملك. واستغل شباط استضافته في البرنامج، الذي بثته قناة «ميدي 1 سات» ليلة أول أمس الخميس، ليصفي ما بقي من حساباته مع بنكيران، حيث تحدث عن تورط عناصر من الحزب الإسلامي في أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية بالدار البيضاء، مشيرا إلى أن عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، دافع عن حزب العدالة والتنمية، خلال اجتماع للمجلس الحكومي لحكومة إدريس جطو، الذي كان على رأس جدول أعماله حل الحزب بعدما تبين أن بعض أعضائه متورط في تلك الأحداث. إلى ذلك، اتهم عمدة فاس بنكيران ب»مساومته» بمنصب وزاري، وقال خلال مروره الثاني في البرنامج في أقل من سنة:»حاول مساومتي بعد تقديم مذكرة 3 يناير الماضي، وعرض علي منصبا وزاريا داخل الحكومة إلى جانب الأمناء العامين للأحزاب المشاركة في حكومته. كما اقترح علي تغيير وزراء حزب الاستقلال بما أراه مناسبا وأن لا إشكال له في ذلك شريطة أن أصمت، لكني رفضت العرض لأن الإشكال لا يتعلق بالوزراء وإنما بقضية وطن وبتدبير الحكومة». وواصل عمدة فاس هجومه على أمين عام حزب العدالة والتنمية، ناعتا إياه بأنه «يعيش الوهم»، وهم أن تمر كل القرارات عبره، ومتهما إياه ب»بيع» المغرب لتركيا، إذ قال إن رئيس الحكومة استضاف 300 رجل أعمال تركي ليبيع لهم المغرب بعدما أقصى «الباطرونا» من الحضور. وفيما قاطعت قيادة الحزب الإسلامي البرنامج، رغم توجيه القائمين عليه الدعوة إلى أمانته العامة، وجد أمين عام حزب علال الفاسي في تلك المقاطعة الفرصة لمزيد من الهجمات، متهما هذه المرة بنكيران بعدم احترام الدستور والوقوف في وجه الإصلاح، ووصفه بأنه «عقبة أمام الإصلاح». ونفى شباط أن يكون بنكيران يتصرف كرئيس حكومة، وإنما كزعيم لحزب، مصنفا اتهاماته ب»التشويش» على التجربة الحكومية التي يقودها، ضمن «مخطط دولي»، وقال: «خطاب التشويش، الذي يردده رئيس الحكومة ينتمي إلى مخطط دولي، وهو نفس الخطاب الذي يردده الرئيس المصري محمد مرسي، عندما تحتج المعارضة المصرية على قراراته». من جهة أخرى، رفع شباط من حدة هجوماته، حينما اتهم رئيس الحكومة ب«توظيف» موظفين سامين خارج المباراة عبر «المحسوبية والزبونية»، وبالإتيان بسابقة فريدة لم يسبق لأي رئيس حكومة في العالم أن أقدم عليها، حينما شارك في احتفالات فاتح ماي مع الذراع النقابي لحزبه، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وقال بنبرة ساخرة:»واش بنكيران كيضحك على الشعب المغربي، إلا خرج هو مع العمال شكون اللي غادي يحقق مطالب هاذ العمال؟». وحسب مصادر حكومية متابعة للأزمة التي تعصف بالتحالف الحكومي، فإن شباط لم يترك خطا للرجعة بينه وبين بنكيران، في ظل إصراره على مهاجمته بعد استقباله من قبل ملك البلاد، مشيرة إلى أن وقت الطلاق قد حان لأنه «لا يمكن الجمع بين الزيت والنار». وقالت: «بعد لقاء الملك يمشي يدير جوج خرجات قوية ضد بنكيران معناه تفعيل قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة»، مشيرة إلى أن شباط لأول مرة يؤكد على قناة تلفزيونية نفيه والقيادات الاستقلالية المقربة منه أي طموح في الاستوزار في أي تعديل حكومي، وهو مؤشر قوي على مغادرته للحكومة. ويأتي ذلك في وقت أكد فيه شباط، خلال مروره ببرنامج «90 دقيقة»، أن قرار الانسحاب من حكومة بنكيران سيبقى قائما، وقال:»هذا ما أخبرنا به الملك بعدما قدمنا له أسباب قرارنا. وحينما تبين لنا المستقبل المظلم للبلد، لا يمكن لنا أن نظل من التابعين». وفي الوقت الذي استبعدت مصادر قيادية في العدالة والتنمية أن يرد الحزب على هجومات شباط الأخيرة، متوقعة أن يقتصر الأمر على إثارتها من قبل بعض القياديين خلال الاجتماع العادي نصف الشهري للأمانة العامة المنتظر عقده اليوم السبت، يبدو أن قيادة الحزب الإسلامي اختارت عدم الرد وإبداء لامبالاتها تجاه تحركات شباط. وحسب مصادر «المساء»، فقد بدت هذه «اللامبالاة» واضحة جدا خلال اجتماع المجلس الحكومي المنعقد أول أمس الخميس، حيث كان لافتا عدم تعرض رئيس الحكومة ولو بشكل عابر للاستقبال الملكي لشباط، بل لم يوجه أي إشارة إلى وزراء حزب الاستقلال الستة، الذين يمارسون مهامهم بشكل عادي. من جهته، قال عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب بنكيران، إن حزبه سيرد على سيل الاتهامات التي كالها شباط في الوقت المناسب حينما يتضح موقف حزب الاستقلال من الانسحاب من الحكومة، معتبرا أن «ما صدر عن شباط من تصريحات سيتم إلحاقها بالتصريحات السابقة.. ولكل حادث حديث». بوانو أبدى امتعاضه من الاتهامات التي وصفها بغير المعقولة، وخاصة المتعلقة منها ب 16 ماي الإرهابية، وعلاقة الحزب بالخارج وأولويات الحكومة.