بعدما تفشى في مناطق الهشاشة والفقر بإقليم الرشيدية، انتقل داء الليشمانيا ليضرب هذه المرة الأحياء العتيقة بتازة، وما يحيط بها من الأحياء الهامشية. وقالت مصادر مطلعة أن هذا الداء المعروف بانتشاره في أوساط الفئات الفقيرة من المجتمع، نتيجة الاكتظاظ وعدم إتاحة خدمات الوقاية والتشخيص والعلاج ونقص الوعي الصحي، قد أصاب ما يقرب من 52 شخصا في الأشهر المنصرمة في السنة الجارية في المدينة التي سبق لها أن شهدت احتجاجات كبيرة بسبب مطالب لتحسين الأوضاع الاجتماعية، وفك العزلة عن الدواوير التي توجد في قلب المدينة، وتوفير مستلزمات التطبيب والتمدرس، والربط بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وإصلاح الطرق. وعرفت الأحداث التي اندلعت في السنة الماضية ب«أحداث الكوشة»، وأفضت إلى اعتقال عدد من المحتجين. وعبرت المصادر التي تحدثت إلى «المساء» حول الموضوع عن تخوفات تساور مسؤولي قطاع الصحة من تزايد انتشار هذا الداء في صفوف ساكنة الأحياء التي تعاني من الهشاشة في المدينة. وقالت إنه تم تسجيل أكثر من 200 حالة إصابة بداء الليشمانيا في السنة الماضية بالمدينة القديمة بتازة، والأحياء المحيطة بها. وأوردت أن نسبة 50 في المائة من الحالات التي تم تشخيصها سجلت في أوساط الأطفال. وبالرغم من أن المراكز التابعة لوزارة الصحة تتكلف بمتابعة المصابين بالداء وتقديم الخدمات لفائدتهم بالمجان، إلا أن عمليات المعالجة والتطبيب تتطلب مواكبة أخرى تتعلق بتحسين الأوضاع الاجتماعية، وتنقية المحيط، وشن الحرب على الأوساخ، وهي الإجراءات التي تفتقدها هذه الأحياء بسبب غياب مشاريع ومبادرات شجاعة للمجالس المنتخبة والسلطات المحلية. ويعتبر داء الليشمانيا من الأمراض الطفيلية، ويمكنه أن يتطور إلى داء فتاك. وينتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة أنثى حشرات الفواصد. وينتشر الداء في المناطق الآهلة بالسكان، ويزداد انتشارا في الفئات الفقيرة، نتيجة الاكتظاظ وغياب البنيات التحتية الملائمة، وغياب النظافة، ونقص الوعي الصحي. وكانت وزارة الصحة قد سجلت حوالي 2464 حالة إصابة بمرض اللشمانيا سنة 2012، موضحة أنه في السنوات الأخيرة تراجع نوعا ما، حيث تم الانتقال من 8770 حالة سنة 2010 إلى 4426 حالة سنة 2011، من بينها 4319 حالة للشمانيا الجلدية أهمها في أقاليم الرشيدية، زاكورة، أزيلال وشيشاوة.