كشفت مصادر موثوقة أن وزير السكنى والتعمير وجه، بتاريخ 6 يونيو 2013، رسالة تحت رقم 09177/6010 إلى مديري الوكالات الحضرية تطالب بإسناد جميع الأشغال الطوبوغرافية المتعلقة بالمسح الجوي و التصميمات الأرضية إلى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية. وقالت المصادر ل«المساء»، إن هذا القرار أملته جوانب أمنية تتعلق بصعوبة ضبط عمليات التصوير الجوي التي يقوم بها المهندسون الطوبوغرافيون المختصون في المسح الجوي، رغم أن هذه العمليات تتم عادة تحت مراقبة الدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية، مضيفة أن جهات بالجيش هي من ضغطت من أجل إصدار هذا القرار. وأضافت المصادر أن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية اقتنت، مؤخرا، طائرة جديدة مجهزة بأحدث الكاميرات والتجهيزات بحوالي 21 مليار سنتيم، من أجل القيام بعمليات المسح الجوي لفائدة الوكالات الحضرية ومؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن هذه الطائرة ستنضاف إلى طائرتين تملكهما الوكالة منذ حوالي 6 سنوات. وردا على هذا القرار، وجه المهندسون الطوبوغرافيون المختصون في المسح الجوي انتقادات لاذعة لوزير السكنى والتعمير، معتبرين أن إسناد جميع الأشغال الطوبوغرافية المتعلقة بالمسح الجوي والتصميمات الأرضية إلى الوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية دون اللجوء إلى المساطر والنصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية هو خرق للقانون. وقال ميلود بوطيب، رئيس الجمعية المغربية للمهندسين الطوبوغرافيين المختصين في المسح الجوي والتصميمات الأرضية ل«المساء»، إن هذا القرار يتنافى كليا مع سياسة الحكومة في تشجيع وتنمية القطاع الخاص، ويكبد المهندسين المساحين الجويين خسائر باهظة تناهز 90 مليون درهم، موضحا أن 11 طائرة مزودة بكاميرات حديثة متوقفة حاليا عن العمل في انتظار إعادة النظر في هذا القرار. وأضاف رئيس الجمعية أن تفعيل قرار وزير السكنى والتعمير سيلحق أضرارا بالغة بأعضاء الجمعية، الذين رصدوا استثمارات مهمة في القطاع تقدر بعشرات الملايين من الدراهم وارتبطوا بالتزامات تهم شراء طائرات وكاميرات ومختبرات مع الموردين، هذا إلى جانب ارتباطهم بقروض بنكية ضخمة. واعتبر بوطيب أن تبرير إسناد عمليات المسح الجوي إلى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بالحفاظ على أمن البلاد واه ولا يمت للواقع بصلة، مؤكدا أن الطلعات الجوية التي تقوم بها الطائرات الخاصة بالمسح الجوي تخضع لشروط صارمة وتراخيص من الدرك الملكي والقوات المسلحة، ولا تتم إلا بعد تسليم المسار الجوي الذي ستسلكه، حيث تعمل السلطات على متابعتها عن طريق الرادار. وأضاف بوطيب أن السلطات لم يكفها منع المهندسين المساحيين الجويين من الطيران فوق المناطق الأمنية الحساسة مثل القصور الملكية والثكنات العسكرية وغيرها، بل تحاول من خلال هذا القرار شل القطاع كليا، ومنح المحافظة العقارية الاحتكار الشامل، رغم أن القطاع الخاص هو من طور مهنة المسح الجوي منذ الاستقلال، وأنجز لفائدة الدولة تصويرا جويا لحوالي 11 مليون هكتار خلال السنوات الأخيرة.