هاجم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الشباب المطالب بالإدماج في الوظيفة العمومية، حيث سجل أن اعتبار المواطنين الحق في الولوج إلى الوظيفة العمومية حقا دستوريا ومكتسبا هو اختلال خطير يؤدي إلى الإجرام من قبيل الإقدام على إحراق الذات. واعتبر رئيس الحكومة، في كلمته خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية حول المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، صباح أمس بالصخيرات، أن «الولوج إلى الوظيفة العمومية يمكن أن يعتبر حالة نفسية وفلسفية في المغرب لأنه ترسخ في ذهن المواطن العادي والخريج أنها حق دستوري، مع العلم بأن الدستور ينص على أن الشغل حق لكل مواطن وعلى أن ليس لأحد أن يمنعه من ذلك، أما الحق في الوظيفة العمومية باعتبارها حقا مكتسبا فهذا اختلال خطير جدا يوصل إلى الإجرام، كأن يحرق أحدهم ذاته». وأضاف بنكيران أمام المئات من الموظفين والمسؤولين: «لا فائدة من هذه المناظرة إذا لم تحرروا تفكيركم، لأنه أصبحت هناك فكرة.. وكأن فريق الوظيفة العمومية في الجنة والآخرين في السعير»؛ مشيرا إلى أن «الوظيفة العمومية لا تنتج ولكنها تنظم الإنتاج». وتحدث رئيس الحكومة عن ارتفاع كتلة الأجور التي وصفها ب«الإشكال» و»الاختلال» الذي يهدد توازن موارد الدولة ونفقاتها، حيث ستكلف الخزينةَ هذه السنة ما يقارب 100 مليار درهم من أصل 210 ملايير درهم كمجمل مداخيل الدولة. وسجل بنكيران أن تلبية جميع المطالب الاجتماعية تورط الدولة في مصاريف وإشكاليات ستغرقها، لكنه أكد أنه إذا ما ساهمت الإدارة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتبسيط المساطر للمستثمرين فإن الدولة ستزيد في أجور الموظفين، «وهي الكلمة التي يحبونها»، على حد تعبيره. من جهته، طرح ادريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، في كلمة مطولة، عددا من التجارب الدولية في مجال الوظيفة العمومية والتي اعتمدت نظام القطاع الخاص باستثناء الوظائف ذات الطابع السيادي، كالأمن والجيش والقضاء، حيث تساءل عما إن كان الوقت قد حان لإلغاء النظام الأساسي للوظيفة العمومية، على غرار العديد من الدول، واللجوء إلى التعاقد. وأثارت مداخلة الضحاك بعض التساؤلات حول سيناريوهات الإصلاح التي قد تقدم عليها الحكومة، خاصة عندما استعرض تجربة دولة السويد، والتي «تستغني سنويا عن 2000 إلى 3000 موظف، لكنها في المقابل تتعاون مع النقابات وخلقت مؤسسة خاصة بمن غادروا الوظيفة العمومية ليجدوا وظائف أخرى». أما وزير الاقتصاد والمالية، نزار بركة، فقد تحدث في مداخلته عن الميزانية غير المسبوقة التي تلتهمها أجور الموظفين، والتي يرتقب أن تصل هذه السنة إلى 100 مليار درهم، بما يمثل 60 في المائة من المداخيل الجبائية، حيث أشار في مداخلته إلى أن من بين أهداف الإصلاح محاربة تعارض المصالح والجمع بين الوظائف. وشدد عبد العظيم الكروج، وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، على أن الاستراتيجية الوطنية لتحديث الإدارة التي أعدتها الوزارة اعتمدت على المقاربة التشاركية، وارتكزت على ثلاث ركائز، خصصت واحدة منها لتثمين رأس المال البشري، وتضمنت برمجة إنجاز عدة أوراش، وفق ثلاثة محاور تهم: الإطار المؤسساتي، والتدبير والتحديث لرأس المال البشري، والتكوين المستمر.