يبدو أن قطاع الإسمنت بالمغرب يعيش أزمة تصريف الكم الهائل من الإنتاج الذي فاق الطلب الداخلي، حيث سجلت مبيعات المادة الرمادية إلى غاية متم شهر ماي المنصرم تراجعا كبيرا فاقت نسبته 14.5 في المائة، منتقلا من 7.4 ملايين طن عند متم شهر ماي 2012 إلى أقل من 6.4 ملايين طن حاليا، حسب آخر تقرير لمديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة المالية والاقتصاد. من جهتها، سجلت إحصائيات الجمعية المهنية لمصنعي الإسمنت بالمغرب بأن حجم استهلاك الإسمنت خلال شهر ماي لوحده قارب 1.4 مليون طن، وتفوقت جهة الدارالبيضاء الكبرى كالعادة في استهلاك المادة الرمادية، بحوالي 188 ألف طن، متبوعة بجهة طنجةتطوان بما يزيد عن 159 ألف طن، ثم جهة الشرق ب 132 ألف طن، وجهة مراكش تانسيفت الحوز بحوالي 130 ألف طن. وتأتي هذه النتائج السلبية لتدعم المنحى التنازلي الذي سجلته مبيعات الإسمنت نهاية السنة الماضية، إذ تراجعت بنسبة1.6 في المائة، لتستقر في حدود 15.8 مليون طن مقابل 16.1 مليون طن سنة 2011. وقد أرجع العديد من المهنيين أسباب هذا التراجع بصفة خاصة إلى اختلال العرض والطلب، حيث أصبح العرض يفوق بكثير الطلب في السوق الوطني. وكان محمد شعيبي، رئيس جمعية الإسمنتيين، قد صرح مؤخرا بأن القطاع يعاني من الضرائب الكثيرة التي تفرض عليه، وكان آخرها ما جاء به القانون المالي 2013، مضيفا أنه إذا استمرت الحكومة في فرض ضرائب جديدة، فإنها ستحكم على القطاع بالموت، مؤكدا أن رقم معاملات قطاع الإسمنت بالمغرب يقدر بحوالي 15 مليار درهم تقتطع منها 7.5 مليارات درهم من أجل الضرائب المختلفة، أي أن نصف رقم معاملات القطاع يوجه إلى مديرية الضرائب. واستحضر شعيبي، كذلك، اختلال الميزان التجاري المغربي، حيث يرى أن على الدولة فرض ضرائب على الواردات وليس على الإنتاج المحلي، كالإسمنت مثلا، للحفاظ على تنافسية المنتوج المحلي مقابل الواردات المحمية من طرف اتفاقيات التبادل الحر الموقعة مع العديد من البلدان، مشيرا إلى أن الاستهلاك الوطني من الإسمنت انخفض بنسبة 6. 1 بالمائة مقارنة بسنة 2011، حيث بلغ الحجم السنوي للاستهلاك ما مجموعه 9. 15 مليون طن. وأضاف أن القطاع عرف تفاوتا ملحوظا في حجم الاستهلاك الوطني بين الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2012، التي سجلت ارتفاعا في الاستهلاك بنسبة 21.7 بالمائة، وبين الأشهر المتبقية التي شهدت تراجعا في الاستهلاك بمعدل 8.7 بالمائة مقارنة بسنة2011، مبرزا أن النشاط العقاري تأثر سلبا بتراجع البناء الذاتي، وانخفاض عدد التراخيص الممنوحة للفاعلين العقاريين، فيما تأثرت الأشغال العمومية بفعل تباطؤ الأوراش الجديدة الخاصة بالبنيات التحتية. وبالنسبة إلى آفاق قطاع الإسمنت خلال هذه السنة، قال شعيبي: رغم أن الموسم الفلاحي يبدو جيدا، فإن الخروج من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية لا يزال مجهولا، تنضاف إليه قلة السيولة البنكية التي تعاني منها المصارف المغربية، وكذا تأجيل الانتخابات الجماعية التي كانت مقررة في 2013. وشرح شعيبي ارتباط الانتخابات الجماعية بقطاع الإسمنت بأن العديد من الجماعات تطلق مشاريعها في آخر الفترة الانتخابية، وبالتالي، فإن ذلك يؤثر إيجابا على قطاع الإسمنت، ليخلص إلى أن آفاق القطاع في 2013 ليست يقينية.