21 «في المائة من مواطني الدول العربية متدينون جدا، و67 في المائة منهم متدينون إلى حد ما، مقابل 8 في المائة غير متدينين». هذه خلاصة دراسة عربية أصدرها مطلع الأسبوع الجاري المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات. وشددت الدراسة، التي اطلعت «المساء» على نسختها النهائية، على أن أغلبية الرأي العام العربي «ترفض تكفير من ينتمون إلى أديان أخرى أو من لديهم وجهات نظر مختلفة في تفسير الدين»، مشيرا في الآن ذاته إلى أن «أكثرية المواطنين لا فرقَ لديها في التعامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين المتديّنين وغير المتدينين». وفي المقابل، كشفت الدراسة عن وجود رفض شعبي عربي لتوظيف الدين في السياسة. وقالت إن «الأكثرية ترفض أن تقوم الدولة باستخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، كما رفضت أن يستخدم المترشّحون للانتخابات الدين من أجل كسب أصوات الناخبين»، وهو ما يعني توجها عربيا، على مستوى الرأي العام، نحو «فصل الدين عن السياسة». ومع ذلك، لم ترصد الدراسة ذاتها أي مخاوف من صعود نجم التنظيمات السياسية ذات الطابع الإسلامي في الاستحقاقات الانتخابية التي نظمت في أكثر من دولة عربية في سياق ما يعرف ب»الربيع العربي». وجاء في الدراسة أن «نصف الرأي العام العربي لا مخاوف لديه «على الإطلاق» من زيادة قوة الإسلاميين وتضاعف نفوذهم، وصعودهم للسلطة». في حين عبر «أكثر من ثلث الرأي العام لديه مخاوف وقلق من الحركات الإسلامية». وتتجسد هذه المخاوف بالأساس، في توجس من «ألا تحترم الحركات الإسلاميّة مبادئ التداول السلمي على السلطة، أو أن تقوم باستخدام الدين لفرض قيودٍ على الحريات الشخصيّة والثقافية والإبداعية، أو أن تصبح القيم على تفسير الدين، أو أن تحابي الأكثر تدينا». وأظهرت الدراسة نفسها أن أغلبية الرأي العام العربي ترى أن «توافر الحريات العامّة والسياسية وحريات التجمع والتنظيم، وتوافر مبادئ تداول السلطة والفصل بين السلطات في بلدانها، مهم». وفيما يتعلق بالأمن الوطني، أكد المصدر نفسه أن العرب يصنفون إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية في صدارة الأطراف المهددة لأمنهم. إذ قال 73 في المائة، ممن شملتهم الدراسة، إن «إسرائيل والولايات المتحدة هما الأكثر تهديدا للأمن القومي العربي»، مقابل 6 في المائة لإيران. وفي السياق ذاته، أعرب 87 في المائة من المستجوبين عن رفضهم الاعتراف الرسمي من قبل بلدانهم بدولة إسرائيل، وهو الموقف الذي عبر عنه 84 في المائة منهم أيضا إزاء اتفاقيات السلام الموقعة بين إسرائيل ودول عربية، مثل مصر. وإذا كانت الدراسة جزمت بأن الرأي العام العربي يعتبر الربيع الذي هبت رياحه على المنطقة في السنتين الأخيرتين ناجحا. فقد كشفت في الآن ذاته عن معطيات ينظر إليها بقلق في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وتتمثل في هذه المعطيات في استمرار تحكم التلفزيون في قنوات نقل المعلومات في المنطقة العربية بنسبة تصل إلى 78 في المائة، ثم الإذاعات ب8 في المائة فقط، والانترنت ب6 في المائة، وأخيرا الصحافة المكتوبة بنسبة لا تتجاوز 4 في المائة. ويكمن مبعث القلق من هذه المؤشرات، حسب متابعين للشأن العربي، في كونه دليلا جديدا على استمرار أزمة القراءة في العالم العربي وعزوف المواطن العربي عن تنويع مصادر معلوماته.