تحتل أخبار الاحتجاز التعسفي في الحظائر والإسطبلات والأقبية الحيز الأكبر من المساحة الورقية في الصحافة المكتوبة، وتصبح المواد الإخبارية التي تنقل تفاصيل الاعتقال غير المؤسساتي أكثر التهاما من قبل المتلقي، الذي يقبل على فضائح هذا الزمن الماكر بلهفة وحب استطلاع.وأغلب حالات الاحتجاز القسري تمت في العالم القروي، لأن عزلة المكان والزمان تشجع على سلوكات الاعتقال بعيدا عن أعين السلطة والناس. في هذا الملف، جرد لحالات احتجاز تدمي القلب، لأنها تجرد الكائن البشري من كرامته، وتجعلنا نقرأ الفاتحة على القيم وعلى الأخلاق.
الرهينة هو شخص يتم احتجازه بشكل إلزامي لأسباب متنوعة، ولا يفرج عنه إلا مقابل منفعة مادية أو معنوية، لكن رهائن ملف هذا الأسبوع يختلفون عن الرهائن الاعتياديين، فغالبيتهم وجدوا في المحتجز تحت الإكراه، فعاشوا أوضاعا اجتماعية صعبة، بل ومذلة. في مثل هذه القضايا، يكون الهدف من احتجاز الرهينة هو تحقيق منافع ذاتية أو إقبار عار، ونادرا ما يكون للاحتجاز مقابل مادي أو مقايضة قصد الإجبار على الإيفاء باتفاق أو طلب، وخلافا لرهائن المشهد السياسي، فإنه من النادر أن تقتل الرهينة في حالة عدم تنفيذ اتفاق مسبق. فالذي يحتجز سيدة أو طفلا يختلف تماما عن محترفي الاحتجاز الدولي كمختطفي طائرات الركاب، الذين لا تهمهم الطائرة بقدر ما يستعملون المسافرين وطاقم الناقلة كرهائن لتحقيق مآرب سياسية. نحن أمام وضعية احتجاز استثنائية، تتجاوز الاحتجاز الرسمي والقسري الذي تحركه دوافع أمنية، أو الاحتجاز الطبي في مؤسسات لرعاية المختلين عقليا، أو الاقتصادي أو الطائفي والعرقي، أو الاحتجاز المنظم للدولة في أقبية بلا عناوين. موضوعنا يركز على حالات احتجاز اضطراري قد تمليها نزوات «غير عابرة»، أو نوايا إجرامية. وعلى الرغم من أن القوانين العامة والتشريعات الجنائية تؤمن إطارا قانونيا للمتابعات وترسم حدود الاحتجاز في إطار الحراسة النظرية للمؤسسات الموكول لها شأن الأمن العام والسلم الاجتماعي، إلا أن المشرع المغربي والعالمي لا يتحدث إلا عن إجراءات الاعتقال، ويفضل عدم ذكر الاحتجاز الخارج عن التدابير الزجرية. إن الأشخاص الذين يتم اعتقالهم خارج إطار القانون أو بموجب قوانين الاستثناء الذاتية، نادرا ما يتمتعون بالحماية، وبالتالي بالحد الأدنى من الكرامة، التي يعمل المشرع على منحها لهذه الفئة، بل إن المشرع يمنع الاحتجاز خارج الآجال القانونية ويحدد فترة الحراسة النظرية، التي لا تزيد إلا بقرار من الجهاز القضائي، حفاظا على كرامة الأشخاص. لا توجد في المغرب دراسات معمقة وتقارير رسمية أو جمعوية حول ظاهرة احتجاز الأشخاص والأصول بشكل تعسفي لا تراعى فيه كرامة «الرهائن»، ويقفز فوق أسلاك القوانين التي تمنع احتجاز مدني من طرف مدني، فما نعرفه عن هذه الظاهرة من شظايا، يتسرب غالبا عبر وسائل الإعلام التي تنقل أخبارا عن حالات أشخاص تم اعتقالهم واحتجازهم لعدة شهور دون تقديمهم لأي قاض أو إخضاعهم لأي إجراءات قضائية، ففي هذه الوقائع يصبح المحتجَز (بفتح الجيم) تحت رحمة القاضي والسجان. الظاهرة لا تقتصر على المغرب، ففي كل بلد من بلدان العالم، اعتقالات سرية لأشخاص تم احتجازهم لجريمة لم يرتكبوها. وغالبا ما يحتجز هؤلاء الأشخاص لمدة أسابيع، بل أشهر، وحتى سنوات، قبل أن ينكشف الأمر صدفة، أو بتبليغ عن اختفاء قسري. وتكون الظروف التي يحتجزون فيها أسوأ مما هو سائد في السجون والمعتقلات الحكومية، ناهيك عن القطيعة التي تحصل مع العالم الخارجي وما يترتب عنها من عطل إيبيستيمولوجي وفيزيولوجي وفقدان جزئي أو تام لعنصر الكرامة، أحد أهم ركائز الإنسانية. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية للبشر، تتحدث عن القواعد الدنيا لمعاملة المحتجزين بشكل رسمي، مقابل تجريم الاحتجاز الذاتي بكل أشكاله، بعد أن أخذ أبعادا أخرى، وتجاوز الاعتقال السري للسياسيين في سجون مجهولة تحت إشراف الأجهزة الاستخباراتية، إلى احتجاز تحت مسميات أخرى، تتعدد طرقه ودواعيه ومسبباته، لكن الاحتجاز واحد. في كل بقاع العالم، هناك احتجاز خارج ضوابط القانون، احتجاز بلا إمضاءات أو أختام، حتى في الدول الديمقراطية كالولايات المتحدةالأمريكية، تم اكتشاف محتجز سري قضت فيه 3 فتيات عقدا من الزمن بحرية مشروطة لا تتعدى دخول المراحيض. وبعدما تمكنت إحدى الضحايا من الإفلات بعيدا عن عيون الرقباء في إحدى التجمعات السكنية بكليفلاند في ولاية أوهايو، تبين أن «ثمرة» الاحتجاز طفلة صغيرة. قالت أمانديري بيري للمحققين بأنها تعرضت للاختطاف والاغتصاب منذ عشر سنوات، إذ سجلت القضية ضد مجهول بعد أن كشفت نشرة أخبار مسائية عن وجود لغز محير في اختفاء قسري. وفي السعودية، وتحديدا في منطقة حائل، لازال البحث جاريا عن مواطن سعودي منع مكفوله من السفر طيلة خمسة عشر عاما، وأجبره على رعي الأغنام، ولم يسلمه سوى راتبين طيلة الخمسة عشر عاما الماضية. وطبقا لتصريح شرطة المنطقة، فإن الجهات الأمنية تلقت بلاغا حول وجود مقيم ذي جنسية آسيوية يعمل لدى كفيله بقرية قعر الذيب منذ عشرين سنة ولم يسافر إلى بلاده، وبعد استدعاء المقيم أفاد بأنه قدم للمملكة منذ خمسة عشر عاما على كفالة مواطن، لمزاولة مهنة رعي أغنام، وبعد سنتين من قدومه طلب السفر لبلاده، إلا أن الكفيل رفض ذلك، ولم يسافر طيلة تلك المدة ولم يدفع له سوى راتب شهرين فقط منذ حضوره. ولا يزال البحث عن الكفيل جاريا إلى الآن. وفي المغرب، عشرات الحالات المستفزة للمشاعر، أغلبها لكائنات داهمها المرض، فاختار أفراد أسرتها وضعها تحت الحراسة الذاتية، في ما يشبه حكم المؤبد. وتحكمت في كثير من قرارات الحجز نزوات مزمنة، وأخرى كان الطمع وحب المال وراءها. وعرفت مدينة أكادير في شهر دجنبر الماضي، واقعة احتجاز خارج السياق السياسي والعقائدي أو الصحي، إذ احتجز موظف بالعمالة مجموعة من الطلبة داخل قبو عمارة في ملكيته بحي الداخلة حوله إلى زنزانة بلا أقفال، بعد أن قام بتلحيم البوابة المؤدية إلى القبو قصد إرغام الطلبة، الذين يستأجرون المكان، على مغادرة الغرفة التي يقطنون بها، والتي كانوا يكترونها منذ مدة طويلة بمبلغ 700 درهم شهريا. ولم يتم «تحرير» الطلبة المذكورين إلا بعد تدخل الشرطة، التي عملت على تكسير اللحام الذي تم به إغلاق البوابة، بعد أن تمكن أحد الطلبة المحتجّين من الخروج من إحدى النوافذ الخلفية، وقام بمعية بقية الطلبة، الذين يقطنون في الطوابق العليا للعمارة المذكورة، باللجوء إلى دائرة الأمن، حيث تم تسجيل شكاية ضد صاحب العمارة. ولأن الاحتجاز مرادف للاختفاء، فقد اختزل البرنامج الاجتماعي «مختفون»، الذي تنتجه القناة الثانية المغربية، وبعض برامج المحطات الإذاعية، البحث عن الحالات التي تختفي إما بفعل اختطاف، أو هروب أو بفعل سوء المعاملة داخل البيت. هذه البرامج تساهم في الكشف عن مصير المحتجزين دون أن ترصد الحالات الأكثر استفزازا للمشاعر. تعددت أوجه الاحتجاز، لكن التفعيل الأمثل للدستور الجديد، وترجمة كثير من نصوصه إلى واقع، يبقى الحل الراقد في الرفوف، فديباجة الدستور المغربي تعتبر تنزيله صونا للمبادئ الديمقراطية وحماية ل«كرامة كافة المغاربة وحقوقهم في إطار المساواة وسمو القانون». احتجزته أسرته داخل اسطبل 22 عاما حولت أسرة فقدت معيلها، بيتها بدوار أولاد شعيب بجماعة لمزامزة الجنوبية شرق مدينة سطات، إلى زنزانة انفرادية لابنها (ن-ع)، البالغ من العمر 22 سنة، قضاها كلها في الاحتجاز القسري بسبب عاهة مزمنة، إذ أن القدر أهدى الأسرة مولودا يعاني من إعاقة مركبة، فهو أبكم ومختل ذهنيا وحركيا، مما جعل الأسرة، أمام ضيق ذات اليد، تلجأ إلى الفقهاء والدجالين بحثا عن علاج لابنها بعد أن تبين أن الطب العصري جد مكلف بالنسبة لأم لا تجد ما تقتات به. زادت محنة الأسرة بعد وفاة الوالد، فاضطرت الأم إلى تدبير عيش أبنائها الستة، مع الاستمرار في احتجاز الابن المريض وتقييده بسلاسل حديدية منذ نعومة أظافره، فالاحتجاز هو الحل الأنسب لوضعية جد معقدة، لأن فك قيده أصبح يشكل، حسب شقيق الفتى المحتجز، خطرا، ليس فقط على العائلة، بل على ساكنة الدوار والمناطق المجاورة، لذا كانت القيود هي الوسيلة الوحيدة لضبط الوضع الأمني والتحكم في المريض عن قرب، مع مده بالغذاء والحرص بين الفينة والأخرى على تنظيف بدنه، وقالت الأم إن تخليصه من عقاله قد يدفعه إلى السقوط في الآبار أو يصبح عرضة لحوادث السير وغيرها من الآفات. بعد اكتشاف المعتقل السري، لم تجد أسرة الفتى بدا من مناشدة الجهات المسؤولة وهيئات المجتمع المدني من أجل تقديم يد المساعدة والتكفل بعلاجه، نظرا للوضعية الاجتماعية الصعبة التي تعيشها الأسرة، خصوصا بعد وفاة الأب سنة 1998، وضيق ذات اليد، بينما أكد أحد الجيران أنه بادر إلى إرسال نداء استغاثة عبر بعض الصحف، دون استجابة. عاش الفتى في إسطبل لمدة 22 سنة وتعايش مع الحيوانات وخبر أصواتها، فتولدت لديه سلوكات غير آدمية، وبدا منفعلا كلما داهمته نظرات الشفقة من ساكنة الدوار أو زواره، الذين حولوا معتقله إلى مزار، بعد أن بثت القناة الثانية روبورطاجا حول هذه الواقعة، كما تبادل الناس عبر هواتفهم المحمولة صورا مستفزة لشاب يبدو وكأنه خارج للتو من معتقل رهيب، لا تفارقه سلسلة حديدية صدئة حتى بعد مغادرته الإسطبل الذي احتجز فيه لسنوات. تعيش الأم معاناة مضاعفة، فالفقر أمامها والابن وراءها، وليس لها سوى الصبر والمعاناة، على الأقل، لتدبير الاحتياجات الطبيعية لابنها، قبل أن تظهر في الأفق بشائر الأمل، حين قررت ولاية جهة الشاوية ورديغة التكفل بعلاج الشاب وتمكين الأسرة المكلومة من شقة تراعي الحد الأدنى من شروط الكرامة، وهي المبادرة التي انخرط فيها كثير من أبناء الشاوية مباشرة بعد روبورطاج «دوزيم» الصادم. أب يسجن ابنته داخل غرفة 24 عاما غير بعيد عن سهول الشاوية، وتحديدا في بادية أولاد صالح، التي تطل على العاصمة الاقتصادية للمملكة، عثرت دورية للدرك الملكي على معتقل سري تعيش فيه فتاة احتجزها والدها لمدة 24 سنة بغرفة مظلمة بمنزل بدوي. ويبدو حسب محضر الدرك بأن فتاة أرسلت نداء استغاثة إلى السرية وأطلعت الدركيين على شكوكها حول وجود ابنة عمها المختفية منذ حوالي 24 سنة، بمنزل معزول في دوار بمنطقة أولاد صالح. وحسب مصادر إعلامية، فإن الفتاة التي فجرت الفضيحة أكدت أنها «سمعت صراخا غريبا، ينبعث من غرفة منزوية داخل منزل عمها»، وقدمت دلائل على إمكانية احتجاز الفتاة التي ظلت لسنوات تحت جنح الاختفاء. مباشرة بعد تدوين هذه البيانات، أشعرت سرية الدرك الملكي لأولاد صالح النيابة العامة، وأعطيت التعليمات بانتقال فرقة الدرك إلى موقع الاحتجاز للكشف عن ملابسات الشكاية، والنظر في ما إذا كانت كيدية فقط. انتقل المحققون إلى عين المكان واستجوبوا عم الفتاة التي قدمت الشكوى، الذي أنكر وجود فتاة محتجزة، معتبرا الشكاية كيدية، خاصة أن بيته معزول عن بيوت الدوار، مما يجعله في منآى عن كل شك، لكن عملية تفتيش قادت رجال الدرك إلى المعتقل السري، وهو عبارة عن غرفة تعيش فيها فتاة في وضعية جد صعبة، وكأنها جزء من المتلاشيات، فقدت الفتاة لون بشرتها وأجبرت على التخلص من آدميتها، وكانت آثار الإهمال واضحة على جسدها المتعفن، بل كانت تأكل فضلاتها في مشهد مقزز. جعل الأب من الاختلال العقلي مبررا لاحتجاز ابنته، وبرر وضعها في معزل يفتقد للشروط الآدمية، طوال هذه المدة، بكونها لما كانت في سن ال 12 من عمرها أصيبت بمرض عقلي، مما دفعها إلى مغادرة المنزل أكثر من مرة، فقرر احتجازها مخافة تعرضها للاغتصاب. دون المحققون أقوال الأب وقرروا تعميق البحث في القضية، فيما تم نقل الفتاة إلى مركز استشفائي مختص لتلقي العلاج. غير أن المحققين لما سألوه ما إذا كان قد سبق أن عرضها على طبيب مختص، لم يقدم لهم إجابات مقنعة، واكتفى بالقول بأن الطب الشعبي هو ملاذه، وأن مرضها لا يحتاج إلى طبيب نفساني بقدر ما يحتاج إلى فقيه قادر على استخراج الجن القاطن في دواخلها، كما قدم في محاضر الاستنطاق أقاويل تفيد بأنه كان يحاول إجلاء الجن من جسد ابنته دون جدوى، مشيرا إلى وجود نية حسنة وراء الاعتقال. يحبس شقيقه في كوخ 15 سنة من الشاوية إلى دكالة، تتناسل المعتقلات «العائلية»، إذ على بعد ستة كيلومترات من مركز زاوية سيدي اسماعيل بإقليم الجديدة، ظهرت مأساة مرعبة اهتز لها كيان الرأي العام المحلي والوطني، هي مأساة رجل في الخمسين من عمره، شاءت الأقدار أن يواجه مصير الاحتجاز، ليس من طرف قراصنة أو عصابات إجرامية رغبة في فدية تحت الإكراه، بل إن سجان هذا الخمسيني لم يكن سوى شقيقه، ابن أبيه وأمه، الذي أقدم على احتجازه لما يفوق 15 سنة بعد تكبيل رجليه بسلسلة وتركه بكوخ مهجور، تعايش فيه مع مختلف أنواع القمامة والحشرات السامة والأليفة، ومن شدة وقساوة الاحتجاز الذي وصف بالحيواني، أصبح الرجل غير قادر على الكلام وتغيرت ملامحه بشكل غريب. حكاية الاحتجاز، حسب تصريحات السكان، تعود إلى إقدام شقيقه على الاستيلاء على أرضه الفلاحية المحيطة بمكان الاحتجاز، بل إن الأمر وصل إلى حد الإبلاغ عن شقيقه (الرهينة) لدى مصالح الدرك الملكي التي كانت تعتقله أكثر من مرة بدعوى الاعتداء على شقيقه، ليقرر في الأخير الإقدام على فعلته هاته باحتجازه دون ملابس تستره أو تؤويه من البرد داخل كوخ لا يتوفر على شروط إيواء الحيوانات، فبالأحرى البشر. لم يتمكن الدركي، الذي كان يصور المشهد بآلة تصوير، من إكمال العملية، واضطر إلى دخول الإسطبل عدة مرات بعد الاستعانة بقماش عليه معطر، وضعه على أنفه كي لا يختنق من شدة الرائحة الكريهة المنبعثة من المكان، فيما شرع سكان المنطقة في الاحتجاج أمام المعتقل الذي كانوا يمرون منه يوميا دون أن يكتشفوا ما بداخله. وأمام المحققين، روى السجان لرجال الدرك ولهيئة المحكمة حكاية احتجاز اضطراري ناتج عن مرض يسكن المحتجز، على غرار بقية الحكايات السابقة التي يلجأ أصحابها إلى تحويل الإسطبلات إلى غرف للعلاج بالإهمال. احتجاز «زوهريين» بداعي فك طلاسيم الكنوز ولأن البادية ظلت مجالا خصبا للاحتجاز بكل مسمياته، فإن حكاية جزار زعير تثير الاستغراب، لارتباطها بالدجل والإيمان بأن الشخص «الزوهري» الذي يتميز بعلامات فيزيولوجية خاصة على مستوى الكف، قادر على استخراج الكنوز من تحت الأرض. وكانت «المساء» سباقة في نهاية العام الماضي، إلى سرد وقائع احتجاج دافعه الطمع، بعد أن تمكنت عناصر الدرك الملكي بسيدي يحيى زعير، ضواحي الرباط العاصمة، من اعتقال جزار يسمى (ه ح) الذي كان يحتجز طفلين لمدة سنتين بضواحي الروماني. بدأت أولى خيوط هذه الواقعة قبل عامين ونصف، بعد أن أبلغت أسرتان عن اختفاء ابنيهما بشكل مفاجئ، إذ خرجا للعب ولم يعودا إلى بيتهما، ويتعلق الأمر بطفل قيل إنه «زوهري» يبلغ من العمر 14 سنة، والآخر يبلغ من العمر 8 سنوات فقط. اختفيا عن الأنظار ووجهت حينها الاتهامات إلى عصابات متخصصة في اختطاف الأطفال «الزوهريين» لاستغلالهم في أعمال الشعوذة والبحث عن الكنوز، غير أن مصالح الدرك لم تعثر على الطفلين حينها، واستمرت معاناة الأسرتين. وتبين من خلال البحث أن جزارا بالمنطقة هو من تكلف باحتجازهما داخل غرفة صغيرة في حظيرة مهجورة بضواحي الروماني، مكبلي اليدين لضمان بقائهما في هذا المكان، وحين أحيل الجزار المتهم على أنظار المحكمة الابتدائية بتمارة ظهرت نوايا الطمع الذي سكن الرجل، رغم أنه، وخلافا لقضايا الاحتجاز السابقة، لم يمارس على المحتجزين أي اعتداء باستثناء العدوان اللفظي كلما طالبا بفك أسرهما وتمكينهما من العودة إلى أسرتيهما وإلى الفصل الدراسي. وعرفت منطقة الرماني انتشارا واسعا لظاهرة استخراج الكنوز، مما حول «الزوهريين» إلى رهائن لكل من انتابته حالة طمع وقرر استبدال العوز بالثراء. احتجاز في قبو لخمس سنوات أحدثت قضية محتجز تارودانت جدلا إعلاميا واسعا وانتهت بالإفراج عن جميع المتهمين في ملف الأستاذ المحتجز في قبو إحدى الضيعات الفلاحية بنواحي تارودانت، ومن بينهم رئيس جماعة تنزرت، بينما لا يزال الرأي العام المحلي يحاول فك لغز احتجاز غامض، لاسيما وأن الشخص المحتجز يختلف عن بقية المحتجزين، فهو رجل تربية وتعليم. أمام المحكمة، صرح رئيس الجماعة بأن اعتقال أستاذ لخمس سنوات أمر لا يصدق، حتى في أفلام الرعب، وأكد أن «القضية مفبركة ضده، وتستهدف النيل منه ومن سمعته»، في ملف ما بات يعرف بأستاذ تارودانت، الذي قيل إنه اختطف لمدة خمس سنوات، ولم يتم الكشف عن اختطافه إلا عن طريق رسالة هاتف محمول من طرف أحد المواطنين. بررت المحكمة قرار إطلاق سراح المتهمين بغياب قرائن تؤكد الاحتجاز وقالت إن الرجل المختطف أستاذ، وله تكوين وعلاقات في فضاءات أكاديروتارودانت، وله عائلة من الطبيعي أنها منذ خمس سنوات وضعت شكاية لدى السلطات الأمنية بتارودانت تخبر فيها أن أحد أفراد عائلتها اختفى أو اختطف ولم يعد له أثر، كما أن التلاميذ سيتحدثون عن اختفاء أستاذهم في ظروف غامضة، خاصة أن الرواية تشير إلى أن الأستاذ موضوع الاختطاف الذي قضى خمس سنوات بسجن رئيس الجماعة التجمعي، رحل إلى كندا. أسرة الأستاذ أكدت وجود شكاية في الموضوع لدى الضابطة القضائية بتارودانت بعد اختفائه في ظروف غامضة، مما يعني أن التحريات عن اختفاء أستاذ أو اختطافه كان من المفترض أن تضبط مغادرته التراب الوطني، إذا صدقت رواية السفر إلى كندا كما قال محامي رئيس الجماعة. اعتقل زوجته 22 عاما قبل ثلاث سنوات، اعتقلت مصالح الأمن بأمر من وكيل الملك بسيدي قاسم، فقيها مقعدا كان يحتجز زوجته لمدة 22 سنة في بيت الزوجية رفقة أطفالهما الأربعة، بينهم فتاة في السابعة عشر من عمرها، توجد في حالة حمل غير شرعي، ونقل الجميع للمستشفى الإقليمي لتلقي العلاجات الأولية، علاوة على اكتشاف حالة الحمل الظاهر على البنت الكبرى. كان رب الأسرة لا يسمح لأفراد أسرته بمغادرة البيت، وباسم التربية المحافظة، كان يمنعهم من مغادرته طيلة حياتهم، إذ كان يحكم إغلاق الباب إلى حين عودته مساء وهو ثمل رفقة صديق له، رغم أن مهنته هي قراءة القرآن على القبور، لكن التحقيقات الأولية كشفت عن جلسات خمرية في البيت، رفقة غرباء حيث كان يقدم ابنته القاصر لأحد أصدقائه مقابل مبلغ لا يتجاوز 10 دراهم، إلى أن حملت بجنين عمره الآن سبعة أشهر من صديق والدها، الذي وجهت له الشابة الاتهام بشكل مباشر، حيث كان صديق والدها المذكور يعاشرها معاشرة الأزواج منذ ما يقارب السنة. يوجد الظنينان في المعتقل الحبسي بعد الذي مارساه في حق أسرة بريئة، حيث أن توبعا بتهم اغتصاب قاصر دون 18 سنة بالعنف، الذي نتج عنه افتضاض بكارة وحمل وهتك عرض قاصر بالعنف، والضرب والجرح العمد في حق الزوجة نتج عنه كسر، مع الاحتجاز وتحريض قاصر على البغاء من طرف أحد الأصول، ودخلت على الخط جمعيات خاصة بالطفولة والمرأة، من بينها جمعية «متقيش ولدي». خادمات لكن محتجزات
كطرف مدني في القضية, فجر علي لطفي، رئيس «المنظمة الديمقراطية للشغل»، قضية أفزعت الحقوقيين والرأي العام المغربي، حين أكد أن جنرالا مغربيا متقاعدا يحتجز 5 عاملات منازل (خادمات) فليبينيات داخل إقامته، ويحرمهن من كل الحقوق التي تنص عليها قوانين الشغل في المغرب. وأضاف لطفي في ندوة صحفية بمقر النقابة التي يرأسها في الرباط، أن العاملات المحتجزات لم يغادرن إقامة الجنرال، الذي لم يذكر اسمه، منذ أن بدأن الاشتغال لديه وأنهن محرومات من حقهن في العطل وباقي الحقوق الأخرى، التي تنص عليها مدونة الشغل، بل وأكثر من ذلك يوجدن في وضعية «احتجاز قسري»، بعد أن صادر منهن مشغلهن جوازات سفرهن. وفي نفس الندوة الصحفية، قدمت عاملات فيليبينيات شهادات صادمة عن ظروف اشتغالهن والممارسات التي تفرض عليهن، بما فيها الاعتداء بالضرب والاغتصاب. وأكد خوصي ليطو بورطو، القنصل الشرفي للفيلبينيين في الدارالبيضاء، أن العاملات الفلبينيات في المنازل المغربية يتعرضن للاعتداء من قبل مشغليهن، وبعضهن يحرمن من الأكل ويتعرضن للضرب والاغتصاب، ومن بينهن من قضين سنة كاملة بدون أجور لدى مشغليهن. وقدر القنصل الشرفي عدد العاملات في البيوت المغربية بنحو 3 آلاف عاملة، قال إن أغلبهن يشتغلن في ظروف غير قانونية وبدون احترام لحقوقهن، وكشف أنه سبق له أن أبلغ حكومة بلده عبر سفارتي الفليبين في مدريد وطرابلس بليبيا عن حالات بعض العاملات، للتدخل لدى الحكومة المغربية من أجل وضع حد لهذا الملف.