لم يجرؤ عبد الإله بنكيران على تغيير نهجه التكتيكي، أو استبدال عناصر الفريق التي عجزت عن مواكبة إيقاع العمل الحكومي، فتعالت أصوات حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، مطالبة بالتعديل الفوري، وقرر سحب عناصره من تشكيلة الحكومة. ولأن التعديلات الحكومية تخرج من رحم الأزمات، فإن شباط قد أعلن انسحاب حزب الاستقلال من حكومة بنكيران، ليزداد «خل» الهم السياسي على خلطة الأزمة الاقتصادية، ويدخل المغرب متاهة الاتهامات والاتهامات المضادة بين فصائل حزبية، اختارت التموقع على الرقعة السياسية ببراغماتية عجيبة. في هذه الحالة يمكن أن يحصل الانفراج السياسي إذا استبدل بنكيران، كما يفعل أي مدرب كرة، المغادرين للتشكيلة بأسماء من أحزاب أخرى، أما السيناريو الآخر فيتمثل في الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهو مطلب حزب المصباح الذي يؤمن بجاهزيته للاكتساح الانتخابي مرة أخرى. لكن العارفين ببواطن السياسة، يدركون جيدا أن رغبة شباط ليست هي «إسقاط» حكومة بنكيران، «إنه يريد نصيبا كبيرا من كعكة المقاعد الحكومية، على إثر وعود قطعها شباط على نفسه بعد فوزه في انتخابات الحزب في شتنبر الماضي». كما يسعى للإطاحة بالوزير الوفا، صهر علال الفاسي، نظرا للخلاف الأزلي بين الرجلين. علما أن حزب الاستقلال يشارك بست حقائب وزارية في الحكومة الحالية، أهمها وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التعليم والوزارة المنتدبة في الشؤون الخارجية، كما يرأس القيادي فيه كريم غلاب مجلس النواب بموجب الاتفاق الذي تم بين مكونات التحالف الحكومي. لكن قصة الانسحاب لم تتجاوز التصريحات النارية لشباط، إذ أن «وزراء حزب الاستقلال المشاركين في الحكومة مدعوون إلى تقديم استقالتهم، بما في ذلك الاستقلالي رئيس مجلس النواب، المنتمي لحزب الاستقلال». عندما فاز حميد شباط على منافسه عبد الواحد الفاسي، في نهاية شهر شتنبر، قال «أنا الآن داخل باب العزيزية، في إشارة إلى انتصاره على خصمه الذي سبق أن شبهه ب»القدافي»، دون أن يعتبر نفسه زعيما لمجلس انتقالي.