كل من يتابع تصريحات الزعيم الجديد لحزب الاستقلال يصاب بالدوران! يشارك حزبه في الحكومة وهو أحد أضلاعها الرئيسية، لكنه في نفس الآن لا يترك فرصة تمر إلا ويشهر سيفه في وجهها وهو يبحث عن رؤوس يقطعها. فمنذ أن اعتلى عرش حزب علال الفاسي، وحميد شباط ينتقد الحكومة التي يشارك فيها، وقد انتقل شباط المثير للجدل من الانتقاد المليء بالإشارات، إلى الانتقاد الواضح، ولذلك يطرح الكثير من المتتبعين لوريث حزب علال الفاسي الذي ولج مقر الحزب على حد قفشاته دخول "باب العزيزية" السؤال الأهم، ماذا يريد شباط؟ التعديل الحكومي؟ طيب، إذا لم يحدث هذا التعديل؟ لماذا لا يغادر الأمين العام لحزب الاستقلال الحكومة وينهي هذا الوضع المختل الذي ينعكس على الصورة العامة للحزب، إذ كيف يمكن للحزب أن تكون له رْجل هنا ورْجل لهيه؟ قال شباط في بنكيران ما لم يقله مالك في الخمر، كما يقول المثل المأثور، لدرجة أنه وصف رئيس الحكومة بالاستئصالي والإقصائي ثم المهرج ... والذي يعلق فشله على التماسيح والعفاريت ... وصفات كثيرة تدفع إلى نفس السؤال: ما الذي يفعله إذن حميد شباط ومعه حزب الاستقلال في الحكومة التي يكيل لرئيسها كل هذه الصفات؟! ليس هذا دفاعا عن عبد الإله بنكيران، وهو رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية، ولديه ما يكفي من الأدوات الإدارية والقانونية والسياسية للدفاع عن نفسه وحكومته وحزبه، ولكن السؤال موجه لرفاق حميد شباط، وهم يمارسون المعارضة من داخل الحكومة، وهو ما يعيد إلى الأذهان حكاية عباس الفاسي مع عبد الرحمان اليوسفي في زمن التناوب!! إن ما يقوم به حزب الاستقلال على عهد حميد شباط هو الخلط الحقيقي بين الموقع الحكومي والموقف المعارض، وهو ما لا يتماشى مع الرغبة في الوضوح السياسي والدستوري الجديد، وهو بالضبط ما قد يجعل جزءا من الناخبين يعودون إلى لغة الاستياء التي أثرت وظهرت نتائجها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد هبوب نسمات الأمل مع الربيع المغربي منذ أزيد من سنة. المشكلات الخاطئة لا حل لها كما يقول الراحل حسن حمدان، ومن هذه المشكلات الخاطئة ممارسة تسيير الشأن العام بمنطق المعارضة، ولذلك ما جاء في مذكرة شباط وما سبقها من تصريحات نارية تؤكد أن لحزب الاستقلال رْجل في الحكومة، ورْجل في المعارضة، وإذا اتسعت الهوة والمسافة بين القدمين، يمكن أن يسقط.