مصائب بنكيران لا تأتي فرادى، فالرجل لم يكد يستوعب أن حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قد وفى فعلا بوعده واستطاع وضع العصا في «رويضة» الحكومة بعد اتخاذه قرار الانسحاب الذي مازال عالقا حتى الآن، حتى تلقى ضربة موجعة أخرى من صندوق النقد الدولي الذي صنف المغرب، في نشرته الأخيرة، ضمن الاقتصادات التي تعيش وضعية صعبة للغاية وتتطلب اتخاذ قرارات عاجلة وحاسمة. والخطير في النشرة الأخيرة لصندوق كريستين لاغارد هو أنها وضعت المغرب في خانة البلدان التي لا تزال فيها ثقة المستثمرين ضعيفة بسبب عدم اليقين السياسي والقلاقل الاجتماعية. وهذا يعطينا تفسيرا منطقيا لتحركات رئيس الحكومة في الآونة الأخيرة، خاصة لقاءه الأخير برئيسة الباطرونا مريم بنصالح؛ فالرجل بقدر ما حاول إظهار أنه «ما مسوقش» للقرار الذي اتخذه شباط، كان يتخوف في قرارة نفسه من تداعيات ذلك على مناخ الأعمال في المغرب، ولهذا سارع إلى بعث رسائل مشفرة إلى الباطرونا، مؤكدا أن القراءة المشتركة للوضع الحالي للبلاد بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب هي التي ستمكن من وضع إطار لتفعيل اليقظة والتفاعل الإيجابي مع الظرفية الاقتصادية الحرجة التي تعيشها بلادنا. إن ما يجب أن يقتنع به المغاربة جميعا هو أن البلاد دخلت، اليوم، منعرجا اقتصاديا خطيرا يتطلب تعبئة كل الجهود، فالقادم من الأيام سيحمل أخبارا غير سارة، كما تكهن بذلك خبراء صندوق النقد، حيث ستجد الحكومة نفسها مجبرة على اتخاذ قرارات تقشفية «صعبة» لن تقف عند حدود تجميد جزء من الاستثمارات، كما فعلت سابقا، وهذا يفرض تضامنا وتكتلا بين جميع المكونات وليس التركيز على الصراعات السياسية الضيقة التي لن تزيد الوضع إلا تأزما.