شرعت الغرفة الجنائية الاستئنافية لدى استئنافية القنيطرة، أمس، في النظر في قضية قائد مركز الدرك بجماعة «لالة ميمونة» إقليمالقنيطرة، وثلاثة من مساعديه، متابعين، في حالة سراح، بتهمة ارتكاب جريمة التزوير في محرر رسمي، بعدما اشتبه في تورطهم في إنجاز محاضر مزورة. وتفجرت فصول هذه القضية، حينما توصل الوكيل العام للملك لدى استئنافية القنيطرة من مركز الدرك الملكي السالف الذكر بنسختين من مسطرتين ببيانات متناقضة، تخص إنجاز المحققين لمحضري استنطاق غير متطابقين لمتهم واحد، الأول يتضمن تصريحا بالاعتراف والتوقيع، بينما يحمل المحضر الثاني عبارة «رفض التوقيع» لإنكار المتهم ما نسب إليه، غير أن ما أثار شكوك النيابة العامة هو أن المحضرين معا يحملان رقما تسلسليا واحدا، وهو ما دفعها إلى المطالبة بفتح تحقيق في الموضوع. ودفعت هذه المستجدات عائلات ضحايا المحاضر المزورة إلى مراسلة جهات عليا أمنية وقضائية تتهم فيها عناصر الدرك بتلفيق تهم وتزوير محاضر للزج بأبنائهم في السجن، مقابل مبالغ مالية حصلوا عليها من شخص نافذ بالمنطقة، يسخّر الدرك للاستحواذ على عقارات بالمنطقة. وهي التهم التي نفاها الدركيون المتابعون في هذا الملف، والذين ظلوا ينكرون، طيلة مراحل التحقيق معهم، تورطهم في أي تزوير، حيث تبادلوا الاتهام حول من يقف وراء ذلك، وهو ما اعتبره دفاع الطرف المشتكي محاولة للهروب من الحقيقة، مؤكدا، تورط درك «لالة ميمونة» في إنجاز محاضر تتضمن اعترافات ملفقة ومخدومة بغاية الزج بموكلهم في السجن. ووفق وثائق الملف، فإنه في إطار البحث في شكاية تقدم بها مجموعة من المواطنين، تم اعتقال أحد المشتكى بهم والاستماع إليه تمهيديا مع تحرير محضر في حقه من طرف الدركيين المعنيين، تضمن إقرار هذا الأخير بالمنسوب إليه، وهو المحضر الذي قدم بموجبه أمام المحكمة، وفي وقت لاحق، تم اعتقال 3 مشتبه فيهم آخرين، قدموا بدورهم للمحاكمة، وأُرفقت المسطرة الخاصة بهم بنسخة من محضر المشتكى به الأول كمسطرة مرجعية، لكن اتضح أنها مخالفة لتلك التي قدم بموجبها هو أمام العدالة، حيث تضمنت نفيه للجرائم المنسوبة إليه. واستدعى التحقيق الذي باشرته الفصيلة القضائية للدرك الملكي بالقنيطرة في هذه القضية الحجز على جهاز حاسوب قائد مركز الدرك الملكي «لالة ميمونة» وجهاز حاسوب محمول ومفتاح حافظ للمعلومات «يوس بي»، وكذا المحضرين المتناقضين موضوع البحث، وعرضت جميع هذه الأشياء على الخبرة بالمختبر التابع للدرك الملكي، حيث ثبت وجود تزوير في المحاضر، لتحال المسطرة على الوكيل العام للملك. واعتبر قاضي التحقيق، بعد انتهائه من مرحلة الاستنطاق التفصيلي، وبناء على نتائج الخبرة المذكورة، أن تحرير محضرين في حق شخص واحد، حول واقعة واحدة برقم وتاريخ واحد، متناقضين من حيث التصريحات أحدهما بالاعتراف والآخر بالإنكار، يدل على أن الواقعة طالها تحريف للحقائق وتغيير لمضمن المحرر، من طرف ضباط للشرطة القضائية، أثناء بحثهم في قضية جناية بصفة قانونية، وهو ما يكيف من الناحية القانونية، يؤكد القاضي، بجناية التزوير في محرر رسمي. ويشار إلى أن الغرفة الجنائية الابتدائية لدى استئنافية القنيطرة سبق أن أصدرت أحكامها في هذه القضية، خلال جلسة السادس والعشرين من يوليوز السنة الماضية، حيث أدانت قائد الدرك ومساعده ب10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما، بينما برأت دركيين آخرين من المنسوب إليهما.