قررت الغرفة الجنائية الابتدائية لدى استئنافية القنيطرة، في وقت متأخر من ليلة أول أمس، إدانة دركيين اثنين ب10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما، أحدهما قائد مركز الدرك بجماعة «لالة ميمونة» إقليمالقنيطرة، واتهمتهما المحكمة بارتكاب جريمة التزوير في محرر رسمي، بعدما تورطا في تحرير محضرين متناقضين حول واقعة واحدة. كما أصدرت الغرفة نفسها أحكاما بالبراءة في حق دركيين آخرين يشتغلان بالمركز نفسه، كانا متابعين من طرف النيابة العامة بنفس التهمة. وظل المتهمون، الذين توبعوا في حالة سراح، ينفون ما نسب إليهم طيلة فترة استنطاقهم، وأنكروا تورطهم في أي تزوير، حيث تبادلوا الاتهام حول من يقف وراء ذلك، وهو ما اعتبره دفاع الطرف المشتكي محاولة للهروب من الحقيقة، مؤكدا «تورط المتهمين في إنجاز محاضر تتضمن اعترافات ملفقة ومخدومة بغاية الزج بموكليه في السجن». وتفجرت هذه القضية حينما توصل الوكيل العام للملك لدى استئنافية القنيطرة من مركز الدرك الملكي سالف الذكر بنسختين من مسطرتين ببيانات متناقضة، تخص إنجاز المحققين لمحضري استنطاق غير متطابقين لمتهم واحد، الأول يتضمن تصريحا بالاعتراف والتوقيع، فيما يحمل المحضر الثاني عبارة «رفض التوقيع» لإنكار المتهم ما نسب إليه، غير أن ما أثار شكوك النيابة العامة هو أن المحضرين معا يحملان رقما تسلسليا واحدا، وهو ما دفعها إلى المطالبة بفتح تحقيق في الموضوع. ووفق وثائق الملف، فإنه في إطار البحث في شكاية تقدم بها مجموعة من المواطنين، تم اعتقال أحد المشتكى بهم والاستماع إليه تمهيديا مع تحرير محضر في حقه من طرف الدركيين المعنيين، تضمن اعتراف المشتكي بالمنسوب إليه، وهو المحضر الذي قدم بموجبه أمام المحكمة. وفي وقت لاحق، تم اعتقال 3 مشتبه فيهم آخرين، حيث قدموا بدورهم للمحاكمة، وأُرفقت المسطرة الخاصة بهم بنسخة من محضر المشتكى به الأول كمسطرة مرجعية، لكن اتضح أنها مخالفة لتلك التي قدم بموجبها هو أمام العدالة، حيث تضمنت نفيه للجرائم المنسوبة إليه. واستدعى التحقيق الذي باشرته الفصيلة القضائية للدرك الملكي بالقنيطرة في هذه القضية الحجز على حاسوب قائد مركز الدرك الملكي «لالة ميمونة»، وحاسوب محمول ومفتاح حامل للمعلومات، وكذا المحضرين المتناقضين موضوع البحث، وعرضت جميع هذه الأشياء على الخبرة بالمختبر التابع للدرك الملكي، حيث ثبت وجود تزوير في المحاضر، لتحال المسطرة على الوكيل العام للملك. واعتبر قاضي التحقيق، بعد انتهائه من مرحلة الاستنطاق التفصيلي وبناء على نتائج الخبرة المذكورة، أن تحرير محضرين، في حق شخص واحد حول واقعة واحدة برقم وتاريخ واحد، متناقضين من حيث التصريحات، أحدهما بالاعتراف والآخر بالإنكار، يدل على أن الواقعة طالها تحريف للحقائق من طرف ضباط للشرطة القضائية أثناء بحثهم في القضية، معتبرا ما قاموا به تزويرا في محرر رسمي.