في وقت انسحبت الأنظمة العربية إلى الوراء، وأمام خلط أوراقها بعد الضربة الأخيرة على سوريا، عضو الجامعة العربية، وتكالب المتطرفين اليهود على المسجد الأقصى، إلى درجة وجد الفلسطينيون أنفسهم لوحدهم في الصفوف الأمامية للدفاع عن تهويد القدس وطمس معالمها...أمام هذا الخناق الذي باتت إسرائيل تضيّقه شيئا فشيئا على الفلسطينيين، وأمام العجز العربي لفعل شيء ما جاء الدعم من خيرة عقول العالم وأذكاها. رفض العالم الفيزيائي البريطاني الأشهر في العالم البروفسور ستيفن هوكينغ دعوة إسرائيل لحضور مؤتمر يرعاه الرئيس شمعون بيريز في يونيو المقبل. وفي توضيح خلفية الانسحاب من حضور المؤتمر أكد هوكينغ أنه يعود إلى انضمامه إلى المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل بسبب مواقفها وسوء معاملتها للفلسطينيين واضطهادها لهم. وتعد هذه المقاطعة ضربة ليس للمؤتمر الذي تعد له إسرائيل العدة، ويتابعه العالم، ووافق على حضوره توني بلير وكلينتون وعدد من مشاهير العالم، ولكنها ضربة في الصميم لإسرائيل كمحتل، فقد ذكر رئيس جامعة حيفا عاموس شابيرا أن المقاطعة ليست فقط مشكلة الجامعات، وإنما هي مشكلة إسرائيل بأسرها. وفي نظره، فإن «مقاطعة دولة إسرائيل، أو المقاطعة الأكاديمية لأي من المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل أشبه بفرض حظر نفط أو أي حظر آخر». يذكر أن رسالة لعالم اللسانيات الأمريكي اليهودي نعوم تشومسكي وقعها مع عشرين أكاديمياً كانت وراء إقدام «أذكى رجل في العالم» على قرار مقاطعة المشاركة في المؤتمر السنوي لاتحاد الجامعات والكليات المنتظر عقده في إسرائيل في التاسع والعشرين من ماي. وكشفت صحيفة «غارديان» البريطانية فحوى الرسالة التي غيّرت قرار العالم البريطاني مكتشف «الثقوب السوداء» ومؤلف كتاب «موجز تاريخ الزمن». وقالت جامعة كمبردج إن عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ انسحب من مؤتمر إسرائيلي لينضم بذلك إلى مقاطعة أكاديمية لإسرائيل احتجاجاً على احتلالها الأراضي الفلسطينية. وأشارت صحيفة «غارديان» إلى أن تشومسكي، المعروف بتأييده للقضية الفلسطينية، انضم إلى أكاديميين بريطانيين من جامعات كمبردج، ولندن، وليدز، وساوثهامبتون، ووريك، ونيوكاسيل، ويورك، والجامعة المفتوحة، في مخاطبة هوكينغ بالقول إنهم «فوجئوا وخاب أملهم خيبة كبيرة» من قبوله الدعوة للحديث في المؤتمر الرئاسي في القدس، الذي سيرأسه شمعون بيريز. وأضاف تشومسكي، الذي دعم «مقاطعة وسحب الاستثمار في الشركات التي تقوم بعمليات في الأراضي المحتلة»، وزنه الهام إلى الضغط على هوكينغ بعد مراسلات الكترونية مع مجموعة حملة اللجنة البريطانية لجامعات فلسطين. وذكرت الرسالة، حسب تقرير صحيفة «غارديان»، الذي كتبه روبرت بوث وهارييت شيروود «تميز إسرائيل منهجياً ضد الفلسطينيين الذين يشكلون 20 في المائة من سكانها بطرق تعتبر غير قانونية في بريطانيا»، مضيفة أن «معاملتها للفلسطينيين في غزة هي بمثابة عقاب جماعي.» وأكدت أن «إسرائيل تضع حواجز طرق عديدة، مادية، ومالية وقانونية، في طريق التعليم العالي لكل من مواطنيها الفلسطينيين وأولئك الذين هم تحت الاحتلال، وبناء مستوطنات يهودية يخرق اتفاقية جنيف». وأضافت أن «إسرائيل عندها اسم للترويج لمكانتها الثقافية والعلمية: ماركة إسرائيل. هذه سياسة متعمدة لتمويه تصرفاتها القمعية وراء قشرة مهذبة». وقال البروفيسور مالكولم ليفيت، وهو زميل في الجمعية الملكية وخبير في الرنين المغناطيسي في جامعة ساوثهامبتون وقع على الرسالة، إن «إسرائيل لديها سياسة صريحة كلياً تقضي بجعل الحياة مستحيلة لأولئك السكان غير اليهود، وأنا أجدها غير مقبولة كلياً. وكعالم، فإن الأداة المتاحة لي لجعل ذلك الوضع عادياً هي المقاطعة. وهذا خيار صعب لأن إسرائيل مليئة بالعلماء اللامعين وهم زملاؤنا». إلا أن الأكاديمي الليبرالي ديفيد نيومان، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة بن غوريون في إسرائيل، حذر من أن المقاطعة الأكاديمية «ليس من شأنها إلا أن تدمر أحد الفضاءات القليلة الباقية التي يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يلتقوا فيها فعلاً». وتم إسقاط اسم هوكينغ في هدوء من قائمة المشاركين وانتقد منظمو المؤتمر انسحابه. ودعت اللجنة البريطانية لحملة جامعات فلسطين اللورد سكيدلسكي، وهو أحد كبار المؤرخين الاقتصاديين، لكي يرفض الدعوة للمشاركة في الحديث أمام المؤتمر، إلا أن سكيدلسكي، البروفيسور الفخري في الاقتصاد السياسي في جامعة ووريك وأحد لوردات حزب المحافظين، رفض التعليق، وينوي حضور ذلك المؤتمر. ويرى الأكاديميون المناصرون للمقاطعة أن الإجراء الذي يتخذه العلماء ينطوي على فاعلية بصفة خاصة في معارضة معاملة إسرائيل للفلسطينيين، لأن تاريخ البلاد في مجالي العلوم والتكنولوجيا عامل فاعل في الاقتصاد. ويدعون أن الإمكانات البحثية للمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية استُخدمت في دعم البرامج التنموية، مثل تطوير الطائرات التي تطير من دون طيار. من جهة أخرى، أثار قرار عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ إلغاء زيارته إلى إسرائيل حملة غاضبة داخل «الدولة العبرية» بلغت حد وصف الرجل بالمنافق، واعتبار قراراه عملا «شائنا». وقال إسرائيل ميمون، رئيس المؤتمر المقرر عقده في يونيو، إن مقاطعة هوكينغ «أمر شائن وغير مبرر». واعتبر ميمون أن قرار العالم الشهير غير مقبول بالنظر إلى أن «إسرائيل هي الديمقراطية التي تمكن الجميع من التعبير عن آرائهم»، على حد قوله. ووصف مركز «شورات هادين» القانوني في إسرائيل هوكينغ ب»المنافق»، وندد بالعالم الذي «يستخدم نظام اتصالات للتحدث يعتمد على رقاقة مصممة من قبل شركة «إنتل» في إسرائيل». ونقل موقع صحيفة «إكسبريس» البريطانية تعليقات إسرائيليين غاضبين اختاروا الإساءة لهوكينغ بدعوى أنه «يعاني شللا في الدماغ، وليس الجسد، وقد حان أوان موته»، على حد قول أحدهم. كما علق آخر على مقاطعة هوكينغ للمؤتمر بأنه قرار يأتي من شخص «عاجز»، لا يستطيع حتى أن يناول نفسه «منشفة». في المقابل وصف عدد من القراء الرافضين لتلك التعليقات باعتبارها «مهرجانا للكراهية». فيما قال توم هيكي، عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الجامعات والكليات، «كانت خطوة جريئة من قبل هوكينغ لسبب واضح هو أن شخصاً في مكانته البارزة سيصبح هدفاً لتشويه سمعته، وإذا كان بإمكانه أن يفعل ذلك، فإن علينا جميعا أن نفكر بعمل ما قام به، والمسألة ليست استهداف أساتذة إسرائيليين، وإنما استهداف المؤسسات». جدير بالذكر أن ستيفن هوكينغ شخص استثنائي، فهو يعتبر أحد أذكى علماء الفيزياء النظرية منذ عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، وقد حصل على 12 درجة فخرية ووسام الفروسية برتبة قائد. وفي 2009 مُنح وسام الحرية الرئاسي، وهي أعلى جائزة تمنح لمدني في الولاياتالمتحدة. ويعد هوكينغ معجزة طبية، وطالما مثل تحديا أمام الأطباء الذين توقعوا عام 1963 ألا يبقى على قيد الحياة سوى بضعة أشهر بعد تشخيص إصابته بمرض في الأعصاب الحركية، حيث لم يعش سوى 5 في المائة ممن أصيبوا بنفس مرض هوكينغ لأكثر من عشرة أعوام. ووصفت حالة هوكينغ، الذي عاش نصف قرن من الزمن على الرغم من تطور المرض الذي يهاجم الأعصاب في جسده، بأنها حالة استثنائية