- حول وفيات الأطفال ما دون سن الخامسة، ذكر تقرير مكتب الأممالمتحدة للطفولة أن نسبتها تبلغ 25.3 في المائة ما بين الفئتين الأكثر فقرا و الأكثر غنى، لكنها تصل في الفئة الأكثر فقرا إلى 40.6 ضمن كل 1000 ولادة حية، عكس الفئة الأكثر غنى والتي لايتجاوز فيها الرقم 15 ضمن كل 1000 ولادة حية؛ - انخفاض وفيات الأطفال ما دون سن الخامسة بين عامي 2004 و2011.. من 47 في المائة في عام 2004 إلى 30.4 في المائة عام 2011؛ - أما مستوى معدل وفيات الرضع ما دون السنة فحدده التقرير في 95 في المائة من معدل وفيات الأطفال، في حين يمثل معدل وفيات الرضع الذين يبلغون أقل من شهر ثلثي معدل وفيات الرضع بحوالي 66 في المائة، وتبقى فئة الأطفال التي تعاني أكثر من خطر الإصابة بالأمراض والوفيات هي فئة الأطفال حديثي الولادة. وتظهر هذه الإحصائيات، حسب التقرير، تأخرا كبيرا في المناطق القروية بالمقارنة مع المدينة، حيث إن معدل وفيات الرضع في غضون شهر هو 16 في المائة في المناطق الحضرية مقابل 20 في المائة في المناطق القروية؛ - عملية حماية القاصرات لا تزال معقدة نظرا إلى تعدد واختلاف الفئات المُعرَّضة لهذا الخطر، خاصة الموجودات من الإناث خارج النظام المدرسي، والخادمات الصغيرات المستغلات اقتصاديا «العمالة»، وضحايا الاعتداءات الجنسية، والإناث المتخلى عنهن خاصة عند الولادة؛ - وكشف تقرير مكتب الأممالمتحدة للطفولة، بشأن عمالة الأطفال، أن أطفال جهة دكالة عبدة معرضون لخطر العمل 15 مرة أكثر من جهة كلميمالسمارة نموذجا، مشيرا إلى أن ظاهرة تشغيل الأطفال مرتفعة بثلاثة أضعاف في أوساط الأسر الفقيرة المتمثلة داخل المجتمع ب20 في المائة مقارنة بتلك الأكثر غنى. وتفيد آخر الإحصاءات الصادرة عن المفوضية العليا للتخطيط (HCP) بأن 123 ألفا من الأطفال المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 7 و15 سنة يعملون، في حين أن المكان الطبيعي للطفل في هذه السن هو المدرسة؛ - ولم يغفل التقرير الإشارة إلى الفجوات الكبيرة الموجودة على مستوى دخل الأسر المغربية، فالطفل الذي يولد في عائلة تنتمي إلى ال20 في المائة من الأسر الأكثر فقرا في المجتمع المغربي معرض لخطر الموت قبل سن الخامسة بمرتين مقارنة بالأطفال المنحدرين من فئة ال20 في المائة من الأسر الأكثر غنى في المغرب. استنادا إلى الملاحظات الواردة في هذا التقرير المهم والذي تأسس على الدراسة المقارنة بين سنوات خلت والسنة الحالية وأيضا بين الجهات، هذا فضلا عن المعطيات المتعلقة بفقر الأسر ووجودها في القرى وضعف مستوى تعلم الآباء وأثره على كل تلك المعطيات التي كشف عنها، يتبين لنا بالموازاة مع هذه الاختلالات أنه قد أقر كذلك بتحقيق المغرب تقدما كبيرا في مجال تعزيز وإعمال حقوق الطفل عبر تعميم التعليم الابتدائي وعمليات التطعيم والتلقيح التي قاربت 100 في المائة، كما أشاد أيضا بالتقدم الذي عرفته بلادنا في ما يهم التشريعات الوطنية على نحو يتفق مع التزامات المغرب الدولية، كما أوضح أن التقدم الذي يعرفه المغرب في مجال حماية الأسرة والطفولة يعود بالأساس إلى مستوى التنسيق الموجود بين التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية، وذلك من خلال تطوير الاستراتيجيات القطاعية لمكافحة العنف، وتنظيم حملات وطنية للتعبئة الاجتماعية حول قضايا كانت تعتبر في السابق من الطابوهات. وضمن فقرات، تابع التقرير حديثه عن تقدم المغرب في حماية حقوق الأطفال مشيرا إلى أن الإحصائيات تبين أن بلادنا حققت بالفعل أهدافها الإنمائية للألفية الحالية وعملت على خفض معدل وفيات الأطفال تحت سن الخامسة. لقد نص الفصل 32 من دستور 2011 على إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة تسند إليه مهام تدبير قضايا المرأة والأسرة. وفي سياق رسم عدد من المحددات الدستورية التي ستؤطر هذه القضايا، نص الدستور كجزء من التعريف على أن الأسرة هي «تلك الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي، وهي الخلية الأساسية للمجتمع»، وبالتالي ومن أجل تكريس دور الدولة في ضمان استمرارية وظائف الأسرة نص على أن الدولة تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها، كما تسعى الدولة إلى توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية. أيضا، فإن التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة. كما أنه لتحديد وظائف ومهام الهيئة المكلفة بتدبير قضايا الأسرة، أشار الفصل 169 إلى أن المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، المحدث بموجب الفصل 32 من هذا الدستور، يتولى مهمة: - تأمين تتبع وضعية الأسرة والطفولة؛ - إبداء آراء حول المخططات الوطنية المتعلقة بهذه الميادين؛ - تنشيط النقاش العمومي حول السياسة العمومية في مجال الأسرة؛ - ضمان تتبع وإنجاز البرامج الوطنية، المقدمة من قبل مختلف القطاعات والهياكل والأجهزة المختصة. وبالتالي، فان إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة، في ظل الدستور الجديد، ليعد مكسبا للمجتمع المغربي لأنه سيشيد لبناء منظومة جديدة في التعامل مع قضايا الأسرة والطفولة اعتبارا لكونها أساسا لتطوير مسلسل التنمية المغربية والرقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال، لأن استقرار المجتمع رهين باستقرار الأسرة. ومن هذا المنطلق، يمكننا القول بأن التفعيل الحقيقي للأدوار الدستورية الخاصة بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة رهين باحترام مجموعة من المبادئ الأساسية والمتجلية أساسا في: - ضرورة أخذ معطيات البلد وطبيعة قيمه وهويته ومرجعيته بعين الاعتبار؛ - اعتماد المقاربة التشاركية المندمجة في التعاطي مع القضايا المرتبطة بالأسرة والطفولة، الأمر الذي يفرض علينا ضرورة إشراك كل فعاليات المجتمع من مؤسسات حكومية وقطاع خاص وأحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني في إعطاء وجهات نظرها في ما يتعلق باتخاذ القرارات التي سيصدرها هذا المجلس، مما يفسر لنا، بصفة أوتوماتيكية، أن مشاركة كل هذه المكونات السالف ذكرها لازمة في تشكيلة المجلس إذا ما أردنا ضمان حسن تطبيق مبدأ المشاركة الدستوري في رسم معالم التنمية على أرض الواقع؛ - ضرورة تبني مقاربة بين-قطاعية، من أجل الرقي بوضعية الأسرة والطفولة المغربية، تنبني على: تحسين نسبة الانخراط في منظمات الاحتياط الاجتماعي ومنظمات الرعاية الصحية؛ اقتراح برامج خاصة لتحسين الدخل وتمكين الأسر المعوزة من الاستفادة منها؛ توسيع قاعدة الاستفادة من برامج محاربة السكن غير اللائق؛ تصور وتنفيذ برامج فعالة لمحو الأمية لفائدة النساء والأطفال غير الممدرسين بصفة خاصة؛ خلق مسالك بين التربية النظامية وغير النظامية؛ اعتماد مقاربة تشاركية في تسيير المدارس؛ تهييء مساحات للعب داخل الأحياء... إلخ. - يجب أن توضع رهن إشارة المجلس آليات مادية بشرية ولوجستية كفيلة بتمكينه من ممارسة الدور الرقابي على السياسات العامة في المجال الأسري، وذلك بإصدار تقارير دورية يطلع عليها عموم المواطنين، تعمل على استجلاء مواطن الخلل. كما نعتقد كذلك أنه يجب أن يشكل قوة اقتراحيه لمد القطاعات الحكومية المتدخلة في المجال بآرائه ومقترحاته؛ - ضرورة عمل الوزارة الوصية، انسجاما مع مضامين استراتيجية القطب الاجتماعي 4+4 للفترة الممتدة ما بين 2012 و2016 المبنية على المرجعية الثلاثية المتمثلة في الخطب الملكية، الدستور والبرنامج الحكومي من جهة، وكذلك أسس الحكامة الجيدة المقترنة ببناء تصور استشرافي تشاركي مندمج يناغم بين الهوية الإنسية والحداثة على استحداث مقاربة بين-قطاعية تشرك جميع القطاعات الوزارية من خلال مدها بالإحصائيات والأوراش التي ستمس بكل القضايا المرتبطة بتطوير وضعية الأسرة والطفولة المغربية، مما سيلزمها وبشكل أوتوماتيكي بالاحتكام إلى اعتماد مناهج التدبير المبني على النتائج والمقترن بضرورة توافر مجموعة من المبادئ الأساسية، والمتمثلة في: - ضرورة القيام بعملية التشخيص الميداني لإشكالية وضعية الأسرة والطفولة بالمغرب، ونتوقع أن مجتمع القرب المتكون من منظمات المجتمع المدني سيكون خير سفير للاضطلاع بهذه المهمة المحورية؛ - عملية التشخيص ستلزمنا بالقيام بعملية تحليل الإحصائيات المتوصل إليها، ومن ثمة وضعها في قالب إصلاحي نقترح أن يتم تتويجه بتسطير خارطة عمل إصلاحية للشوائب التي لازالت تعوق مسلسل تدبير وضعية الأسرة والطفولة بالمغرب، - ضرورة الاعتماد في مسألة تطبيق بنود خارطة الطريق الإصلاحية لمجالات تدبير وضعية الأسرة والطفولة بالمغرب على منهاج التقييم: قريب ومتوسط وطويل الأمد؛ - يجب أن تصب كل اهتمامات الوزارة الوصية في ضمان حسن الاضطلاع بمهمة التنسيق بين مختلف الفاعلين الحكوميين، الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في أفق الرقي بخارطة الطريق المعتمدة إلى مستوى استراتيجية وطنية مغربية تعنى بتدبير قضايا الأسرة والطفولة من خلال المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إن إنجاح ورش تأسيس المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة رهين بتجنيد مجموع إمكانات القطاعات الاجتماعية في أفق التشييد لميلاد سياسة يكون الطفل رهانها الاجتماعي الأول، في قالب لا يفصل النهوض بوضع الطفل عن أسرته، وذلك انطلاقا من اعتبارها نقطة انطلاقته في أفق توفير الظروف الكفيلة بضمان مساهمته في تحقيق تنمية مجتمعه.