دعونا ندخل المطبخ قليلا ونحاول إعداد وجبة من تلك التي تستهوينا ونعتبرها على الموضة، سوف نضيف إلى غذائنا الطبيعي بعض العناصر الكيميائية (الخرقوم الصناعي، مكعب البنة، معلبات، الكثير من الملح …)، ثم نقوم بطبخ هذا الغذاء (أي طبخ الجزيئات الكيميائية) في درجة حرارة مرتفعة، مع استخدام دهون محولة وزيوت مهدرجة وأحماض دهنية مشبعة، وفي الأخير سوف نضيف بعض الملونات ليكون الطعام أحلى شكلا، وأنتم تستمتعون بتقديم طبقكم هذا، فكروا قليلا، ألا تظنون أن جميع هذه الجزيئات الغذائية السامة التي ندخلها وتتراكم في أجسامنا سينتهي بها المطاف إلى تدمير جهازنا المناعي وجعل أجسادنا مستنقع نفايات تنخره الأمراض. إن جهازنا المناعي هو الذي يحمي الجسم من الهجمات الخارجية، وتطرقنا لتأثير الغذاء المصنع عليه، دون أن ننسى الدور الذي يلعبه الإجهاد والتوتر والأرق في تدمير هذا الجهاز الهام، إلى جانب التأثير السلبي للكسل والخمول وقلة النشاط البدني وتناول الكحول والتدخين… (سلبيات التقدم الحضري والعلمي الذي حول الإنسان إلى كائن متوتر، بدين، خامل وكسول…) أما النظام الغذائي الحديث، والذي يعتمد على الوجبات السريعة، التي تحتوي على سعرات حرارية عالية (السمنة وتأثيرها على الجهاز المناعي)، وعلى مواد سامة (مضافات غذائية، منكهات، ملونات ومواد حافظة)، وعلى دهون مشبعة ومحولة، وزيوت مهدرجة، وعلى مواد كيماوية تؤثر على النواقل العصبية وعلى مخ الإنسان، مما يجعله يدمن عليها، بل ويحس بالحاجة الملحة إلى استهلاكها بكمية كبيرة بمجرد ذكر اسمها. يحتوي الطعام المصنع على كميات كبيرة من الصوديوم (وقد تم التطرق في مقالات سابقة لأضرار ملح الطعام) وعلى نسبة عالية من السكر(الذي يعطيك طاقة فورية كبيرة سرعان ما تُستنزَف وتحس بعدها بالعياء وعدم القدرة على الحركة) هذا النظام الحديث بأبطاله: البطاطس المقلية والبيتزا (دهون مشبعة) والمشروب الغازي والأكل المعلب والمجمد والجاهز والمملح والحلو... يشكل عبئا كبيرا على جهاز المناعة، بحيث يحرمه من المغذيات التي من شأنها تقويته، و يزوده بالعناصر الضارة التي تعمل على إضعافه، مما يترك المجال واسعا للعديد من الأمراض المرتبطة بسوء التغذية، كالسمنة وفقر الدم وأمراض الضغط والسكري والكولسترول والالتهابات.
إيمان أنوار التازي أخصائية في التغذية والتحاليل الطبية