1 -عدمية لا أعتقد أني إنسان عدميّ على الرغم من كون العدمية هي ديني... ولا أعتقد أن الإنهاك الذي يحتلني منذ سنوات طويلة هو سبب تنسكي وصبوتي العدَمية... ومع ذلك لا أجد سببا معقولا يدفع الناس إلى عدم المبالاة بالناس... جميع الفصائل الحيوانية الشرسة والوديعة تنجذب إلى بعضها باستثناء فصيلتي التي خلقها الله على صورته، لا أحد يهتم بمصير أحد، الجميع غارق إلى أذنيه في الوحل اليومي... حتى أنا، المتفهِّم، لا أنسلخ عن فصيلتي، العدمية، لا أهتم بأحد ولا بشيء ولو كان ذلك الشيء هو أنا شخصيا، بل لا أكلف نفسي مشقة البحث عن تفسير أو مصطلحات علمية تجعلني أطمئن عليْ... ومع ذلك، ورغم ذلك، أعد نفسي بلحظة سعادة مقبلة، لا بد أن تأتي، ولو اضطرني الأمر لمحو التاريخ البشري جملة وتفصيلا، أو لتمزيق جميع الخرائط الوراثية ، أو لإنكار الحضارات أجمعها، أو لأكفر بالوطن كما فعل الماغوط وبالأمة كما فعل الشاعر رامبو وبالهوية كما فعلت القطط والكلاب والحمير المُأنْسنة... فقط من أجل لحظة، مجرد لحظة، من سعادة عابرة... 2 - للاّتواصل عندما وضعتك داخل هذا النص، لم يكن قصدي أن أضرب بك المثلَ للمغفلين من أمثالك. أنا متأكد أنني لا أعرف كم سأقطع معك من أميال قبل أن أمقتك وتمقتني، ليس هناك قطعا علاقة بشرية أزلية سأتركك أو تتركني في نصف الطريق... المهم، عندما وضعتك داخل هذا النص، كنت متأكدا أنك ذكر ولست أنثى، وأن أحوالك العقلية والفنية لا بأس بها طبعا لا تهمني أحوالك الاجتماعية ولا أهتم بملفك الطبي وحتى اختياري لك هو عملية اعتباطية لا معنى لها... يتوهم الكثيرون أنك مجرد عيَََّنة تحت التجريب لمعالجة وضع اجتماعي مختل... أقسم لك بما تحب أنني بريء من أي وضع ومن أي اختلال، فكيف يمكن أن أعالجه؟؟؟ الإبداع لا يعالج أمراضا لم يكن طرفا في إفشائها... اذهبوا لحل مشاكلكم إلى برلمانييكم وأطبائكم النفسانيين وإلى العطارين... عل وعسى. النص الفني يعالج شيئا آخر لم يخطر لكم بعد على بال... ربما يتعلق بالوجدان أو بملكة السمع أو الإدراك أو برعشة القلب أو بشيء آخر لا يعلمه حتى النقاد... أما أنت فما وضعتك داخل هذا النص إلا لأتفرّج عليك، وأنت تحاول أن تستمد وجودك مني، أنا البريء منك، أريد أن تعرف أن حريتك ترتبط بك وبوعيك بذاتك... إن السجن ليس سجنا إلا بالنسبة للسجين الذي يشعر بحرقة الانعتاق تشتعل داخله... أما السجين الذي لا يعرف هذا الشعور فالسجن هو بيته المريح... وقس على ذلك، النص أيضا يمكن أن يكون سجنا ويمكن أن يكون بيتا... المدينة التي تسكنها يمكن أن تكون سجنا ويمكن أن تكون بيتا... القلب الذي تختبئ فيه يمكن أن يكون سجنا ويمكن أن يكون بيتا... الذات التي تستكين إليها يمكن أن تكون سجنا ويمكن أن تكون بيتا... ماذا أفعل؟ إني أبوح لك بسر خطير من أسرار المهنة....