ولد الفنان التشكيلي محمد الحمري سنة 1932، كان أبوه حرفيا مختصا في فن الخزف، وكان يساعده أحيانا في صباغة وتلوين أجزاء من الأواني والأيقونات التي كان يبدعها، أما والدته فكانت تنتمي لأسرة «العطار» المعروفة باهتماماتها وممارستها للموسيقى الفلكلورية الخاصة بمنطقة جهجوكة الجبلية، التي لا يمكن العثور عليها إلا في هذه المنطقة، بشهادة الباحث في فن العيوط الراحل محمد بوحميد. نظرا لعلاقاته المتعددة، استطاع محمد الحمري أن يستقطب الكثير من الفرق الموسيقية الغربية إلى قريته، من بينها فرقة «رولينغ ستون» و»بابي سناكس» الشهيرتين، كما يرجع له الفضل في فتح أبواب العالمية في وجه فلكلور الغيطة والدقة الجهجوكية، التي استطاعت أن تتجاوز الحدود الجغرافية المحلية لتمر إلى العالمية، زيادة على هذا كان يعتبر فنانا تشكيليا وموسيقيا، حيث أحيى سهرات موسيقية من بينها الحفل الفني بالعاصمة الإرلندية رفقة صديقه «جوو أمبروس». أعمال الفنان الحمري التشكيلية تستمد مواضيعها من خصوصيات الثقافة المغربية، حيث عرضت بأشهر الأروقة خارج الوطن، وتوجد ضمن المجموعات الخاصة عند الجماعين Collectionneurs، وخلال الحرب العالمية الثانية، ونظرا للظروف الصعبة التي كانت تمر بها القرى المغربية، صاحب فرقة «جهجوكة» لتقديم استعراضاتها بمدينة طنجة، وفي سنة 1951 تعرف الفنان الحمري وهو لا يزال شابا في سن 18 بالكاتب الأمريكي «بول بولز»، بعده سوف يلتقي بالفنان التشكيلي «بريون جونز»، في معرض مشترك سنة 1952 بطنجة، وسيتيح له هذا الأخير، الفرصة للتعرف على عدد من الفنانين الغربيين الحداثيين، وفي نفس السنة سوف يدشن محمد الحمري مطعمه باسم «ألف ليلة وليلة»، بعدما كان في شبابه يقطع المسافات كبائع متجول ذهابا وإيابا بالقطار بين القصر الكبيروطنجة، فلقب بإمبراطور القطار. بعد انتقاله لأصيلة بنفس المطعم، سوف يتعرف على الموسيقي «برايان جونز» الذي سيكلفه بإدارة فرقته Master musicians، وبتصميم غلاف أسطوانته، قبل أن يحدث خلاف بينهما سنة 1973. توفي الفنان محمد الحمري سنة 2000، ودفن بمنطقة «جهجوكة» ضواحي مدينة القصر الكبير حسب زوجته «بلونكا الحمري»، وأقيم له معرض بمدينة أصيلة كان من وراء حيثيات تنظيمه الفنان المليحي، تخليدا لذكراه واعترافا بإنتاجاته التشكيلية.