ساعات بعد الخروج الإعلامي للمتحدث باسم الخارجية الفرنسية، فيليب لاليو، الذي أكد أن فرنسا لم تقرر بعد ما إذا كانت ستستعمل حق النقض (الفيتو) أم لا، أصدر مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، التابع للخارجية الأمريكية، ليلة الجمعة الماضي تقريرا من 12 صفحة حول الأوضاع الحقوقية في الصحراء. وبدا التقرير متحيزا في كثير من جوانبه للطرف الآخر، حيث تحدثت الخارجية الأمريكية، حسب تقارير وصفتها ب«الصادقة»، عن «تورط قوات الأمن في عمليات تعذيب وضرب والمعاملة السيئة لمعتقلين». واعتبر التقرير أن «إفلات الأمن من العقاب يبقى مشكلا مطروحا». وأورد التقرير، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، ادعاءات بعض المعتقلين في إطار محاكمة «اكديم إزيك»، وتصريحات نشطاء صحراويين بخصوص ما قالوا إنه منع للتظاهر من طرف قوات الأمن. كما تحدث عن منع بعض المنظمات غير الحكومية، مثل «الكوديسا» التي تترأسها أميناتو حيدر، من التأسيس. وفي المقابل أكد التقرير أنه لم تسجل أي ادعاءات بوجود حالة قتل غير قانونية أو عراقيل فيما يخص حرية السفر للخارج أو التنقل واستعمال الإنترنيت. من جهة أخرى، صعد المغرب من لهجته تجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية والأطراف المعنية بالنزاع المفتعل حول الصحراء، حيث هدد يوسف العمراني، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون، بأن المغرب سيكون مجبرا، في حال استمرار مبادرة توسيع صلاحيات «المينورسو» لتشمل حقوق الإنسان، على اتخاذ كل التدابير وتحمل مسؤوليته فيما يخص مستقبل المسلسل السياسي. وأكد العمراني، في اجتماع مشترك للجنتي الخارجية بمجلسي النواب والمستشارين يوم الجمعة الماضي، بأن «هذا المقترح غير قابل للتطبيق لأنه يخلق تساويا بين دولة ذات سيادة، وهي المملكة المغربية العضو في كل المنظمات الدولية، ومنظمة إرهابية ليست لها أي التزامات دولية، وهذا تساوي مرفوض». وأكد العمراني على أن «المملكة المغربية القوية بإجماع جميع مكوناتها حول وحدتها الوطنية ستستمر وبطريقة سيادية في معارضة كل المبادرات أو المقترحات التي من شأنها أن تمس أو تضر بالجهود الرامية إلى الوصول إلى حل سياسي، وأن المغرب ملتزم بالحل السياسي وليست له أي عقدة فيما يخص حقوق الإنسان، وهو البلد الذي أنجز الكثير في مجال حقوق الإنسان وله الآليات اللازمة لمراقبتها وتشجيع كل المبادرات في هذا الاتجاه». وأبرز العمراني أن المملكة المغربية عبرت، منذ أن علمت باقتراح توسيع مهمة المينورسو، بشكل قاطع ونهائي وحازم عن رفضها المطلق لإنشاء أي آلية لمراقبة حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية كيفما كانت طبيعتها أو شكلها ومهمتها لأن هذا لا يتماشى مع المهمة الأساسية المنوطة بعملية المينورسو التي هي أولا وقبل كل شيء مهمة لحفظ السلام، وهذا بالنسبة إلينا خط أحمر لا يمكن التفاوض بشأنه». واعتبر الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية أن «هذه المقاربة خطيرة وتعني مكافآت سياسية للأطراف الأخرى تضر بالمسلسل السياسي، وهي غير مبررة. وهذه المقترحات غير قابلة للتطبيق وتتجاهل الجهود التي يبذلها المغرب، لأن معالجة قضية الصحراء المغربية من طرف مجلس الأمن تتم في إطار الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة، والذي لا يمكن بموجبه إجبار أو فرض أي قرار، بل يجب أن يكون ذلك بالتوافق والتراضي وبالقبول». وسجل العمراني أنه «لا شيء في مناطقنا الجنوبية يبرر اقتراحات من هذا القبيل لأن المنطقة عادية ولا تعرف أي انتهاكات ممنهجة ولا تجاوزات ضخمة أو خروقات كبيرة من شأنها أن تبرر مثل هذه النوع من الآليات القوية لمراقبة حقوق الإنسان. كما لا ننسى أن للمغرب أجهزة تشتغل في ميدان حقوق الإنسان كالمجلس الوطني، وأن المغرب تفاعل بشكل إيجابي مع المقررين الأمميين ولجنة حقوق الإنسان بجنيف، وهناك شفافية حيث استقبل المغرب خمسة مقررين». في السياق ذاته يجتمع اليوم مجلس الأمن الدولي لعرض مشروع القرار الأممي للمناقشة قبل بدء عملية التصويت، حيث تسارع الدبلوماسية المغربية ومعها مبادرة عدد من الدول الصديقة، وخاصة فرنسا، التي قادت مفاوضات مكثفة داخل «مجموعة أصدقاء الصحراء»، لدفع الولاياتالمتحدة للتراجع عن توصيتها.