يومٌ أسودُ عاشته العاصمة الاقتصادية للبلاد أول أمس بعد أن ألحقت جماهير محسوبة على فريق الجيش الملكي، أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة في الدارالبيضاء، قبيل انطلاق المباراة التي جمعت، أول أمس الخميس، بين فريقي الجيش الملكي والرجاء البيضاوي. ووفق ما عاينت «المساء»، فإنّ مئات المحسوبين على جمهور الجيش الملكي، قاموا بتكسير زجاج عشرات السيارات، كانت مركونة بالقرب من محطة القطار «الدارالبيضاء -المسافرين»، قبل أن ينتقل هذا «الكورتيج»، المكون من الجماهير القادمة من العاصمة الإدارية، إلى وسط المدينة، وبالضبط إلى شارع محمد الخامس، حيث تعرَّضَ العديد من الباعة المتجولين (الفْرّاشة) للنهب والسرقة، وفق تصريحات استقتها منهم «المساء». كما تعرضت واجهات العديد من المحلات التجارية إلى التكسير.
وخلفت هذه الأحداث استياء كبيرا لدى المواطنين الذين عاينوا الأحداث أو الذين تعرّضت سياراتهم وممتلكاتهم للنهب والسرقة، ولم يسلم من التكسير حتى زجاج السيارات التي كانت مركونة أمام مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.. وصرّح شهود عيان للجريدة بأنّ ما أثار استيائهم هو غياب رجال الأمن عن موقع الأحداث بشكل شبهِ تامّ، مُحمّلين مسؤولية ما وقع للسلطات الأمنية.
ولم يسلم «الترامواي» من أحداث الشغب، إذ علمت «المساء» أنه تم تكسير زجاج مجموعة من القاطرات. وقال مصدر من شركة «كازا ترام» إنه «لم يتمَّ بعدُ تحديد حجم الخسائر المادية التي تكبّدها الترامواي جراء أحداث الشغب»، مضيفا أنّ «الترامواي» كان عرضة لأحداث الشغب، وهذه أول مرة تتعرّض وسيلة النقل هاته للتكسير، علما أنّ الأيام الأولى لانطلاق المشروع صادفت مباراة «الديربي» دون تسجيل أي عمليات تكسير»..
وأعلنت وزارة الداخلية أنّ أعمال التخريب هذه أسفرت عن تكسير زجاج ثمان قاطرات للترامواي وسبع حافلات للنقل العمومي و13 سيارة وتكسير واجهات 15 محلا تجاريا٬ مؤكدة -في بلاغ رسميّ- اعتقال 193 شخصا يُشتبَه في تورّطهم في هذه الأحداث.
وكانت هذه الأحداث مثارَ نقاشات طويلة بين المغاربة على الشبكات الاجتماعية مثل «تويتر» و«فيسبوك»، إذ عبّروا من خلالها عن «غضبهم» على ما وقع في مدينة الدارالبيضاء، متسائلين عن دور الأمن والجهات الحكومية المختلفة في محاربة أعمال الشغب المصاحبة للمباريات..
وكانت السلطات الأمنية على علم أنّ جمهور الجيش الملكي سينظم «كورتيج» في الدارالبيضاء، كما تشير إلى ذلك صفحة جمهور الفريق على موقع «فيس بوك»، التي نشَرت يوم الأربعاء الماضي، أي يوما قبل المباراة، «تغريدة» أكدت فيها أنّ السلطات الأمنية «ستمنع جمهور الجيش الملكي من القيام ب«الكورطيج»، الذي تعتزم القيام به من محطة القطار إلى مركب محمد الخامس، تفاديا لوقوع اصطدامات بين جمهور الفريقين»..
ومباشرة بعد نهاية اللقاء بين الرجاء البيضاوي والجيش الملكي، بادرت أجهزة الأمن إلى تأمين مختلف الشوارع الرئيسية في الدارالبيضاء، خصوصا محمد الزرقطوني إبراهيم الروداني وآنفا، كما جرت عملية تأمين خروج جمهور الجيش المالكي من الملعب ونقلهم بواسطة الحافلات إلى محطة القطار «الوازيسْ»، تحت حراسة جد مُشدَّدة، وقد استمرت هذه العملية إلى حدود الساعة الواحدة صباحا، لكنّ هذا لم يمنع من تجدّد أحداث الشغب بعد المباراة، إذ أفادت مصادر متطابقة أن حركة السير قد شُلّت قرب القنطرة المؤدية إلى سيدي معروف، بعد أن عرفت المنطقة أحداثَ شغب أدّت إلى تكسير زجاج السيارات، لكنْ سرعان ما تمت السيطرة عليها.
وأكد مستشار جماعيّ في مقاطعة المعاريف أنّ ما عاشته الدارالبيضاء أول أمس «فاق كل التوقعات»، حيث تحولت مجموعة من الأزقة في منطقة المعاريف إلى مسرحية لعمليات الشغب قبل انطلاق المباراة، وأكد أنه حان الوقت من جديد لفتح ملف مركب محمد الخامس لاتخاذ موقف يضع حدا لأحداث الشغب التي تعرفها الأحياء المجاورة له أثناء إجراء المباريات. وقال المصدر نفسه «إننا نطالب، من جديد، بعدم إجراء المباريات الحاسمة في مركب محمد الخامس، أو هدمه بصفة نهائية وإحداث حديقة عمومية مكانه، لأنّ ذلك يجلب الكثير من أحداث الشغب، وأصبحت المباريات تشكل هاجسا بالنسبة إلى سكان هذه المنطقة، حيث أصبحوا يضطرّون إلى ركن سياراتهم بعيدا عن منازلهم أثناء إجراء المُبارَيات».