أسهم الربيع العربي الذي تهب رياحه على المنطقة العربية منذ أزيد من سنتين في تسجيل ارتفاع ملحوظ في منسوب الاعتزاز بالهوية العربية لدى الشباب العربي. هذه أبرز خلاصة في دراسة أعدت على أساس استطلاع رأي أنجزته شركة «أصداء بيرسون مارستيلر»، المتخصصة في استشارات العلاقات العامة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بهدف تقديم صورة واقعية عن مواقف ووجهات نظر الشباب العربي، وقد أعلن عن خلاصاته الرئيسية يوم الثلاثاء الماضي. وأظهر الاستطلاع أن «87 في المائة من الشباب الذين شملهم قالوا إنهم صاروا أكثر فخرا بالانتماء إلى العالم العربي»، وهي نسبة مرتفعة جدا قياسا بما كان سائدا في استطلاعات سابقة أنجزت قبل اندلاع شرارة الربيع العربي. وأسهم الربيع العربي أيضا، حسب الاستطلاع نفسه، في دعم ثقة الشباب العربي في المستقبل. إذ بين أن ثلاثة أرباع الشباب الذين تم استجوابهم، أي شاب من أصل أربعة، يعتقدون أن القادم من الأيام سيكون أفضل. وكان لارتفاع هذا المؤشر أثر هام أيضا على نسبة الشباب الطامحين للهجرة إلى الخارج، والإقامة في دول أخرى خارج المنطقة العربية. إذ أوضح الاستطلاع أن نسبة الراغبين في مغادرة المنطقة في تراجع مستمر، نتيجة لتحسن منسوب الفخر بالانتماء إلى العالم العربي. ويرى 58 في المائة من شباب المنطقة في 15 دولة التي شملها الاستطلاع بأن دولهم تسير على المستوى السياسي في «الطريق الصحيح»، في حين يعتقد 55 في المائة منهم أن بلدانهم «في الطريق الصحيح» أيضا على الصعيد الاقتصادي في العام الماضي، رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد العالمي، وتداعيات الربيع العربي على اقتصاديات المنطقة، خصوصا على مستوى الاستثمارات والسياحة، علما بأن الدول التي بلغ فيها الحراك أوجه ليست «دولا بترولية». وفي مقابل هذه المتغيرات المرصودة على مستوى ثقة الشباب العربي في المستقبل، لم ترصد متغيرات ذات أهمية في أولويات هذه الفئة التي تشكل أغلبية سكان العالم العربي، حيث يقدر تعدادها بحوالي 200 مليون نسمة. وفي هذا السياق، واصل «الحصول على أجر منصف» تصدر أولويات الشباب العربي في مرحلة ما بعد الربيع العربي، حتى إن 82 في المائة ممن شملهم الاستطلاع وصفوا هذا الأمر ب«الأولوية القصوى». وجاء امتلاك منزل شخصي في الرتبة الثانية في سلم ترتيب الأولويات، حيث اعتبره 66 في المائة من الشباب المستجوبين بالأمر «المهم للغاية». غير أن 15 في المائة منهم أكدوا قلقهم من عدم قدرتهم على شراء منزل خاص بهم. وعلى غرار باقي الفئات العمرية، قال 62 في المائة من الشباب العربي إنهم قلقون جدا من ارتفاع تكاليف المعيشة، وأبدوا مخاوف كبيرة من استمرار هذا الارتفاع في ظل الظرفية الخاصة التي تجتازها المنطقة حاليا. وقال معدو الاستطلاع إنهم أجروا مقابلات شخصية مباشرة مع نحو 3 آلاف شاب وشابة عرب تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في 15 دولة عربية، هي المغرب، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية، وقطر، والكويت، وعمان، والبحرين، والعراق، ومصر، والأردن، ولبنان، وليبيا، وتونس، والجزائر واليمن، علما بأن إنجاز الاستطلاع استمر على مدى 13 شهرا من دجنبر 2012 إلى متم يناير الماضي.