فجّر رجل أعمال معروف في الدارالبيضاء «قنبلة» من العيار الثقيل في مدينة فاس، عندما طالب عددا من الجهات المسؤولة، في مراسلات وشكايات بعث بعضها إلى القضاء، بإعادة فتح تحقيق في الطرق التي تمّت بها «تسوية» أكبر مصنع عمومي متخصص في الصناعة الثقيلة، قبل أن يوجه اهتمامه للصناعات الميكانيكية والكهربائية، وتخرَّجَ من «مدرسته» عدد من زعماء السياسة والنقابة، أبرزهم الأمين العام الحالي لحزب الاستقلال، حميد شباط والنقابي الاستقلالي الراحل محمد تيتنى العلوي. وطالبت الشكاية بإجراء انتدابات قضائية دولية، حسب ظهور مبررات توجبها لإجلاء الحقيقة في قضية هذا المصنع، الذي تحوَّلَ إلى أكبر «خربة» في محيط مدينة فاس بسبب وضعيته القضائية المعقدة. ووجّه رجل الأعمال محمد بنصالح شكاية إلى الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في الرباط، في فبراير الماضي، يتهم فيها عدة أسماء كانت على علاقة بملف «خوصصة» و»تسوية» ملف هذا المصنع الضخم، الذي تعرّضَ للإفلاس في ملابسات ما زالت غير معروفة، ب»التزوير والنصب وخيانة الأمانة والتصرف بسوء نية في مال مشترَك». واستعرضت الشكاية، التي توصلت «المساء» بنسخة منها، أجزاءَ من مسار إفلاس المصنع ومراحل من تسويته، وما خلفه ذلك من مشاكل وصلت شظاياها إلى القضاء، دون أن ينهي ملف المصنع، ودون أن يتضح مصير عدد من العمال أفنوا زهرة عمرهم في العمل فيه، قبل أن يتعرّضوا ل»مصير مجهول»، ومنهم من اشتغلوا ما يقارب 38 سنة، دون أن يتلقوا أيّ تعويض. وتحدّثت الشكاية عن وجود اختلالات مهّدت لتفويت شركة «سيميف»، وقالت إنّ من شأن التحقيق في هذه الملابسات أن يرفع «اللبس» الذي ميّز العملية. ويعود وجود هذا المصنع إلى عهد الحماية الفرنسية، حيث تخصص في الصناعة الثقيلة، وامتد نشاطه بعد الاستقلال إلى قطاعات حيوية، وفي سنة 1973 تحول إلى شركة الصناعات الميكانيكية والكهربائية في فاس -سيميف- وتم إحداثها على أنها «شركة مساهمة». وفي سنة 1990، أدرِجت الشركة ضمن لائحة للمؤسسات المعروضة على الخوصصة. وشارك عدد من رجال الأعمال المغاربة في عملية التفويت، وتملكوا نسبا متفاوتة منها، لكنْ عوض أن تدخل الشركة إلى مرحلة تجاوز اختلالاتها وتحسين الإنتاج والمردودية، دخلت في مشاكل مفتوحة، ما اضطر بعض رجال الأعمال المشاركين في العملية إلى اللجوء إلى القضاء للمطالبة بفتح تحقيق في ملابسات التفويتات، والتي تبيَّن لاحقا، حسب الشكاية، أنها تمّت بشكل مخالف للقانون، وظهرت معطيات، حسب المصدر نفسه، تؤكد على وجود ضغوطات على بعض المستثمرين للمشاركة في عملية التفويت، ووجود شركات دخلت إلى «معترك» العملية، دون أن تكون على علم بذلك، ومنها شركة أجنبية، مثّلها شخص في العملية قالت إنه لم يعد تربطها به أي علاقة في تاريخ إجراء العملية التي أوردت الشكاية أنها تمّت بسرعة تزرع الشك في النوايا، خاصة أنّ أحد المشاركين في عملية التفويت تنازَلَ لمُساهِم آخر في اليوم الموالي على توقيعه عقد الخوصصة. وقبل عملية التفويت تعرّضت الشركة لمراقبة من جبل لجنة من الخبراء مُعيَّنة من قِبَل الوزارة المُنتدَبة المكلفة بالخوصصة، وأكدت اللجنة في تقريرها أن عدد العمال في الشركة يبلغ حوالي 350 أجيرا، ووعاء الشركة العقاري يبلغ حوالي 30 هكتارا. وتقرر تفويت الشركة لعدد من المساهمين، ومنها شركة رجل الأعمال المشتكي، وقال هذا الأخير إنه عمد إلى الرفع من رأسمال الشركة، وأصبح مساهما فعليا في رأسامالها، غير أنه فوجئ بالتشطيب على صفة الشركة المشتكية مساهمة في نفس الشركة، ودعا رجل الأعمال محمد بنصالح إلى البحث في أمر من شطب على صفة شركته المساهمة. وتبيّنَ من خلال التحريات التي بوشرت في الملف أنّ الشركات الأجنبية التي شاركت في عملية التفويت كانت مجرّدَ أطراف شكلية وصورية، حسب ملف المشتكي، وصدر حكم بفسخ التفويت، وتقرر تعيين حراسة قضائية للشركة، وتم عزل حارس قضائي وتعويضه بآخر، دون أن يتم تقديم حسابات حول وضعية الشركة، رغم أنّ الدولة ضخّت مَبالغَ مُهمة من أجل ضمان إعمال الحراسة القضائية للشركة، لإنقاذها من الوضعية التي دخلت إليها. وقررت المحكمة التجارية لفاس إنهاء هذه الحراسة دون آفاق واضحة.. وبدأت مرحلة أخرى في مسار الشركة قال رجل الأعمال محمد بنصالح إنها مسّت عقارات الشركة وأموالا مودعة في رأسمالها، وتضرر العمال، وتم تحويل الشركة للتصفية القضائية والبيع في المزاد العلني..