أن تدخل المؤسسات الدولية من الباب أو من الشباك، فذاك سيان عند رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، فالرجل أصبح أكثر جرأة من خبراء المؤسسات الدولية النيوليبراليين الأكثر تشددا، ولم تعد أية عفاريت أو تماسيح قادرة على ثنيه عن تطبيق وصايا كريستين لاغارد أو جيم يونج كيم، مادام المأزق الاقتصادي الذي يعيشه المغرب حاليا يفرض التمسك بأي قشة لتفادي الغرق (غرق الحكومة وليس البلاد). إن توجه بنكيران نحو تجميد جزء من الاستثمارات العمومية من أجل توفير حوالي 9 ملايير درهم، هو مسألة في غاية الخطورة، فهذا يعني ضمنيا أن رئيس الحكومة بدأ فعليا في تطبيق النسخة الجديدة من سياسات التقويم الهيكلي، وعلى المغاربة أن يقرؤوا الفاتحة على أوضاعهم الاجتماعية، لأن القادم من الأيام لن يحمل سوى الأسوأ في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل. ما يعيشه المغرب، حاليا، هو تكرار لسيناريو الثمانينيات، فالمؤشرات الماكرو-اقتصادية في الأحمر، والمؤسسات الدولية بدأت تمسك بلجام السياسات الاقتصادية للبلاد، والشعب -الذي وضع ثقته الكاملة في بنكيران الذي صرح مرارا، بالمناسبة، بأنه اتخذ قرار الزيادة في أسعار المحروقات لمنع أي تدخل لصندوق النقد الدولي أو البنك العالمي في تدبير الشأن العام وضمان السيادة المغربية في اتخاذ الإجراءات الاقتصادية والمالية- يكتوي، حاليا، بنيران الزيادات الصاروخية في الأسعار. ولكي نكون منصفين، فالوضع الحالي لا يتحمله بنكيران لوحده، فالحكومة التي أفرزتها الصناديق الانتخابية تضم أحزابا أخرى كذلك، نخص منها حزب الاستقلال الذي ما فتئ ينتقد السياسات الاقتصادية للحكومة، ولبس، مؤخرا، عباءة المنقذ ليطلع علينا بخطة لإخراج الاقتصاد الوطني من عنق الزجاجة، متناسيا أنه الماسك، فعلا، بزمام وزارة الاقتصاد والمالية، وإلا فما الذي كان يفعله نزار بركة طيلة الشهور الماضية من عمر الحكومة؟