فجر عبد المالك أفرياط، عضو الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين، قنبلة من العيار الثقيل، على مرأى ومسمع من وزير الداخلية، امحند العنصر، حينما اتهم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ب«إشعال الفتنة»، و المركزيات النقابية ب«الفساد». وقال أفرياط، في تدخله خلال اجتماع لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، مساء الجمعة الماضي، لمناقشة مشروع القانون المتعلق بمبادئ تحديد الدوائر الترابية للجماعات الترابية: «رئيس الحكومة مني تجي البرلمان تقول عندي 107 برلماني.. لمغاربة صوتو علي ما ذكروش معي.. وشوية تقول النزول إلى الشارع واش هذا باغي يشعلها». محاسب مجلس المستشارين واصل توزيع اتهاماته مستهدفا هذه المرة المركزيات النقابية بقوله: «نهار يجيو للنقابات كارثة.. الفساد اللي فيها أكثر من أي مؤسسة أخرى». إلى ذلك، وجد العنصر نفسه، وهو يمثل أمام لجنة الداخلية، في وجه معارضة شديدة لمناقشة مشروع القانون رقم 131.12 الخاص بمبادئ تحديد الدوائر الترابية للجماعات الترابية، بعد أن تمسكت فرق المعارضة، للمرة الثانية على التوالي، بإرجاء المناقشة. وفيما استبقت المعارضة اجتماع اللجنة بتنسيق مواقفها بشأن المشروع المعروض، حيث تم الاتفاق بين رئاسة الفرق على طلب التأجيل، شبه حكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الثانية، مناقشة المشروع بمعزل عن الجهوية المتقدمة، ب«وضع العربة قبل الحصان»، معتبرا ذلك مظهرا آخر من مظاهر ارتباك وتخبط الحكومة، و«تعبيرا واضحا عن عجزها البين وعدم امتلاكها الشجاعة السياسية للإفصاح عن آرائها». وتابع تدخله خلال اجتماع لجنة الداخلية قائلا: «لا نريد تأجيل المناقشة من أجل التأجيل، ولا نريد الاستمرار في منطق التوافقات، بل ندعو إلى القطع مع هذا المنطق». من جهته، طالب محمد ادعيدعة، رئيس الفريق الفيدرالي، الحكومة بمنح ضمانات من أجل إطلاعها على مراسيم التقطيع الانتخابي والترابي قبل إصدارها، وبالكشف عن النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية ل25 نونبر 2011 التي لم تنشر إلى حد الآن، وعدد الأصوات الملغاة «لأننا بحاجة إلى قراءة سوسيولوجية لتلك الانتخابات، ولنعرف كيف يتم التصويت». وفي الوقت الذي اعتبرت فيه بعض التدخلات أن لا شيء يستعجل مناقشة المشروع في ظل غياب أجندة واضحة للحكومة، مطالبة بفتح مشاورات مع الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني، سار محمد العلمي، رئيس الفريق الاشتراكي، على خطى زملائه في فرق المعارضة، مبديا رفض فريقه مناقشة المشروع دون مصاحبته بباقي مشاريع القوانين الأخرى، ومتسائلا عن خلفيات ما سماه تسرع الحكومة في إخراج نص مؤسس. ولم تؤت انتقادات ممثلي المعارضة الحادة للحكومة وتمسكهم بطلب تأجيل المناقشة، أكلها بعد أن اضطروا في نهاية المطاف إلى الإذعان إلى رغبة الحكومة في مناقشة مواد المشروع، فيما حرص وزير الداخلية على ألا يمر مرور الكرام على تلك الانتقادات، موجها رسائل إلى من يهمه الأمر. العنصر الذي لم يخف غضبه من طلب المعارضة تأجيل المناقشة، اعتبر أن مشروع القانون لا علاقة له بالتقطيع الانتخابي، وأنه مجرد نص تقني حول مبادئ التقطيع الإداري للجماعات الترابية. وقال: «لنكن صرحاء، النص القانوني الذي نحن بصدد مناقشته لا علاقة له بالانتخابات كما تحدثتم عن ذلك، كما أنه في حالة عدم التصويت على هذا القانون، فإن إحداث أقاليم وعمالات، أو تقسيم إقليم إلى إقليمين، سيكون دون سند قانوني.. مع احترامي للجميع هذا النص لا يتحدث عن تقطيع انتخابي»، مشيرا، خلال تدخله، إلى أن وزارته جاهزة تقنيا لإجراء الانتخابات القادمة. وكشف العنصر أن «وزارته أعدت عددا من السيناريوهات التي لا نريد الإعلان عنها حتى يتم التشاور»، وعن وجود 30 نصا تتعلق بقوانين تنظيمية وقوانين عادية ومراسيم، تتطلب بعض الوقت لإصدارها، معتبرا أنه «لا يمكن انتظار إخراج كل القوانين ومناقشتها، للحسم في هذا القانون». وفي ما يشبه رسالة طمأنة إلى المستشارين، اعتبر الوزير الحركي أن لا أحد طعن في الشرعية القانونية للمجلس، بناء على الفصل 176 من الدستور، لافتا إلى إمكانية إجراء الانتخابات بالنسبة للمستشارين بالاستناد إلى القانون الحالي شريطة استشارة الأحزاب السياسة لأن «الغاية ليست الانتخابات في حد ذاتها، وإنما تنزيل الدستور وفق المقاربة التشاركية التي نص عليها».