عندما أقالت جامعة كرة القدم، المدرب البلجيكي إيريك غيريتس من مهامه مدربا للمنتخب الوطني، اختارت الجامعة عن سبق إصرار وترصد أن يعيش المغاربة حلقات مسلسل مكسيكي جديد لاختيار المدرب المقبل للمنتخب، وشكلت لجنة أسندت رئاستها لعبد الإله أكرم رئيس الوداد ونائب رئيس الجامعة، وضمت في عضويتها نور الدين النيبت العميد السابق للمنتخب الوطني والعضو الجامعي وأحمد غيبي رئيس لجنتي البرمجة والتحكيم وعبد الحق السلاوي رئيس اللجنة الطبية. كانت مهمة هؤلاء بحسب ما أعلنت عنه الجامعة هي البت في ملفات المدربين الذين رشحتهم الجامعة لتولي المهمة وهم بادو الزاكي ورشيد الطوسي وامحمد فاخر وعزيز العامري، قبل أن «تختار» بإجماع أعضاء اللجنة وبإجماع أعضاء المكتب الجامعي بعد ذلك، مثلما أعلن كريم العالم رئيس لجنة المنتخبات الوطنية، المدرب رشيد الطوسي لتولي مهمة تدريب المنتخب خلفا لغيريتس. كان امحمد فاخر مدرب الرجاء أول المنسحبين من السباق، فقد قال الرجل لأعضاء اللجنة لأنه يعرف اللعبة جيدا، إنه ملتزم بمشروع عمل مع فريق الرجاء لا يمكن أن يتخلى عنه، وشكرهم على حسن استقبالهم وغادر، بينما كان العامري الذي توج بلقب البطولة مع المغرب التطواني، يدرك بدوره أن الاختيار لن يقع عليه، وأنه مجرد أرنب سباق لاغير، لذلك، بقي السباق نظريا منحصرا بين الزاكي والطوسي، علما أن الأخير كشف عقب تعيينه أنه تم اختياره قبل ثلاثة أشهر من توليه المهمة، وما لم يقله الطوسي حينها أن الاتفاق معه قد تم عقب مباراة المنتخب الوطني والكوت ديفوار التي جرت بمراكش وانتهت متعادلة بهدفين لمثلهما. قال الزاكي لأعضاء اللجنة وبكل الوضوح الممكن إنه لا يمكن أن يقود المنتخب الوطني بموجب عقد يمتد لعام وبدون مشروع، وأنه يفضل أن يكون الهدف هو نهائيات كأس إفريقيا 2015، على أن تكون نهائيات كأس إفريقيا 2013 بجنوب إفريقيا -إذا تأهل المنتخب الوطني على حساب الموزمبيق-، وتصفيات كأس العالم 2014 محطة للعمل ولزرع بوادر الأمل، وإذا مضت الأمور في الاتجاه الصحيح كان بها، وإذا لم تمض فإنه مستعد ليغادر دون قيد أو شرط، لأن النتائج هي الوحيدة التي بمقدورها أن تبقي المدرب في منصبه. رفض أعضاء الجامعة تحت قيادة العميد نور الدين النيبت، ما قاله الزاكي، وخرجوا ليقولوا إن الزاكي فرض شروطه الخاصة، وأن الاختيار وقع على الطوسي لأنه لم يفرض أية شروط، وفي النهاية خرج المنتخب الوطني من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا 2013، كما خرج عمليا من تصفيات كأس العالم 2014 عقب خسارته أمام منتخب تنزاني ضعيف، بل وتم تفجير هذا المنتخب من الداخل، وأصبح حتى الرهان على كأس إفريقيا 2015 بالمغرب صعبا، لأن الأمور وصلت إلى الحضيض. السؤال اليوم، لماذا لم تستمع الجامعة إلى صوت العقل، الذي كن وقتها ممثلا في الزاكي، ولماذا أصرت على أن تعاكس التيار. الجواب موجود في الفوضى التي أصبح يعرفها المنتخب الوطني وفي فرض كثيرين لأرائهم، وفي الاستفادة من «كعكة» المنتخب وسفرياته وامتيازاته. لذلك، لو كان أعضاء اللجنة التي اختارت الزاكي، وضمنهم النيبت الذي ظل يقبل رأس الطوسي بعد الفوز على الموزمبيق وكأنه فتح الأندلس يحترمون أنفسهم لاستقالوا ومعهم جامعة علي الفاسي الفهري غير الموقرة.