اقتحمت عناصر القوات العمومية، ظهر أول أمس، جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة، وتدخلت بقوة لمنع افتتاح الملتقى الطلابي الوطني الثالث عشر، الذي كانت الكتابة العامة للتنسيق الوطني لاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المحسوب على فصيل العدل والإحسان، تعتزم تنظيمه تحت شعار «الشهادة والاعتقال.. ربيع الحرية وخريف الاستبداد». ولجأت قوات الأمن إلى تخريب الأروقة والمُلصَقات والمعارض الثقافية والعلمية ومصادرة عدد من المُعدّات. وأظهرت أشرطة الفيديو التي تم نشرها على شبكة الأنترنيت إقدام عناصر التدخل على هدم خيمات نصَبها المنظمون لاحتضان بعض أنشطة الملتقى، وتمزيق اللافتات المرفوعة في عين المكان، وتكسير العديد من الطاولات، إضافة إلى قيامها بمطاردة الطلبة والطالبات داخل الحرم الجامعي، وهي مدجّجة ب»الهراوات»، بمبرّر عدم توفر المنظمين على ترخيص. واستعانت السلطات بشاحنة النظافة لنقل مجموعة من المحجوزات، بينها كتب للشيخ الراحل عبد السلام ياسين، المرشد العام السابق لجماعة العدل والإحسان، كما تم إغلاق جميع أبواب كليتي الآداب والعلوم، بعدما أصدرت أوامرها إلى جميع الطلبة بالمغادرة الفورية للجامعة. وأسفرت عملية الاقتحام عن إصابة العديد من الطالبات بحالات إغماء، كما تم تعريض مجموعة من الطلاب للاعتداء بالضرب والسبّ والشتم، بينهم مراد اشمارخ، عضو الكتابة العامة للتنسيق الوطني. وأجبر هذا الوضع المضطرب إدارة الجامعة على الإعلان عن تعليق الدراسة خلال اليوم نفسه، «حفاظا على أمن وسلامة طلاب الجامعة»، على حد قول أحد مسؤوليها. وقالت مصادر طلابية تنتمي إلى العدل والإحسان إن «أجهزة «المخزن» تعمّدت قطع التيار الكهربائي عن مرافق الجامعة، بهدف نسف الملتقى»، حسب تعبيرها، وقامت منذ الساعات الأولى من اليوم نفسه بمحاصرة محيط الكليات، وهو ما حال، وفق المصادر ذاتها، دون وصول العديد من الضيوف والزوار من داخل المغرب وخارجه، حيث كان من المتوقع أن تصل وفود تمثل كل من موريتانيا وتونس ومصر. واتهمت المصادر ذاتها، خلال وقفة احتجاجية نُظِّمت في عين المكان، السلطات ب«الوقوف وراء حادث التسمم الذي أصاب المئات من الطلبة»، وكان الغرض من ذلك، وفق الطلبة أنفسِهم، هو «إحداث نوع من الاحتقان داخل الجامعة كخطوة أولى في اتجاه منع تنظيم الملتقى ومصادرته». وأدان طلبة العدل والإحسان «سياسة الكيل بمكيالين، التي تنهجها الدولة في تعاملها مع مختلف الفصائل الطلابية»، وقالت موضحة، في تصريحات مستقاة من عين المكان، «في الوقت الذي حظيت الدورة ال15 للمنتدى الوطني للحوار والإبداع الطلابي الذي تنظمه منظمة التجديد الطلابي، المحسوبة على حزب العدالة والتنمية، بالدعم الكامل من طرف السلطات وإدارة الجامعة، نتفاجأ بالقمع والمنع اللذين طالا الملتقى المنظم من طرف طلبة العدل والإحسان». وأشارت الجهات نفسها إلى أن نهاية الأسبوع المنصرم عرفت احتضان كلية الآداب والعلوم الإنسانية في القنيطرة أشغال المؤتمر المحلي التاسع للاتحاد العام لطلبة المغرب -مكتب جامعة ابن طفيل، الموالي لحزب الاستقلال، والذي عُقد تحت شعار «نحو جامعة رائدة تضمن كرامة الطالب»، وترأسه ناصر بنحميدوش مبعوث اللجنة التنفيذية للاتحاد، دون أن تبادر إدارة الجامعة إلى منعه ومضايقة منظميه، حيث وُفرت له جميع شروط النجاح. في المقابل، حمّل عبد الرحمان طنكول، رئيس جامعة ابن طفيل، فصيلَ طلبة العدل والإحسان مسؤولية ما وقع من اقتحام للحرم الجامعيّ، «لإقدامهم على تنظيم نشاط غيرِ مرخص له، لغموض برنامجه وعدم احترامه هياكل الجامعة»، واستطرد طنكول قائلا: «لقد سبق التعامل مع المنظمين في أنشطة سابقة، وليس لدينا أدنى خلاف مع أي فصيل مَهْما كان انتماؤه الفكري والإيديولوجي، لقد استقبلْنا المُشْرفين على هذا الملتقى مرّات عديدة لإشعارهم بملاحظاتنا قصد الأخذ بها، لكنْ دون جدوى.. إنّ ما يحكمنا جميعا هو القانون والمبادئ وأهداف النشاط والقيمة المضافة التي سيحققها». من جانبها، أدانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التجديد الطلابي التدخلَ العنيف الذي مارسته سلطات القنيطرة في حق فصيل العدل والإحسان، ومنعها للملتقى الوطني المنظم من طرفهم، وأعلنت، في بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، رفضها «الاستمرار في نهج المقاربة الأمنية الضيقة في التعاطي مع قضايا الجامعة والمساس بالحريات الجامعية والتضييق على حرية الأنشطة الثقافية والنقابية والمحاكمات السياسية لمناضلي الفصائل والحركة الطلابية داخل الجامعة المغربية»، محمّلة الجهات المعنية كاملَ المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع في القنيطرة.