تهديدات القتل المتبادلة بين الأمازيغ والسلفيين تجر المغرب إلى الدرجة الصفر من العنف، وهو ما لم تعهده البلاد حتى في أشد محطات الخلاف الإيديولوجي بين الفرقاء السياسيين؛ فعندما يصبح المغربي مطالبا بالاختيار بين أفكاره أو حقه في الحياة، فهذا يعني أن رياح التغيير التي شهدها المغرب لم تحمل إلينا فقط براعم الربيع العربي، بل حملت معها أيضا سموم الخريف الدموي العنيف الذي اجتاح عددا من البلدان العربية التي أسقطت الرئيس الديكتاتور لتجد نفسها أمام ما لا يحصى من الديكتاتوريات الصغيرة التي لا تطيق العيش إلى جانب الآخر المختلف عنها. أن يتوصّل الشيخ حسن الكتاني بمكالمة هاتفية تقول له: «سنذبحك من الوريد إلى الوريد»، وهو الشيخ المعول عليه لكي يساهم في امتصاص عنف السلفيين وتحويله إلى عنفوان اقتراحي ديمقراطي تشاركي، فهذا يعني أن من يهددون الكتاني لا يستهدفونه لوحده بل يسعون إلى تقويض الحوار الوطني السلمي. وأن يعقب ذلك التهديدَ تضامنٌ من الشيخ الحدوشي مع زميله الكتاني، متخمٌ بالعنف اللفظي المعمم لكل الأمازيغ الذين وصفهم ب»عملاء الغرب المحليين الذين رضعوا لبنا فاسدا» وب»المصابين بالإيدز الثقافي والتسمم المعلوماتي والإسهال الفكري والهزة الفكرية والنكسة العقلية»، فهو خطاب تعميمي لا يقل عنفا عن المكالمة الهاتفية التي تلقاها الشيخ الكتاني، وهو ما لا يقبله المغرب.. المغرب في حاجة إلى كل المغاربة، لكنه غير محتاج إلى أفكارهم العنيفة والإقصائية.