هذا الرجل ينفي باستمرار أن يكون النازيون، وعلى رأسهم هتلر، قد نفذوا شيئا اسمه الهولوكوست، ويؤكد أن غرف الغاز التي تتحدث عنها المصادر التاريخية بكونها عرفت إبادة ملايين اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ليست سوى خرافة. فوريسون، الذي يكمل هذا العام عامه الثمانين، عاد إلى الواجهة هذه الأيام بعد أن تمت استضافته أمام أزيد من 5 آلاف شخص في مهرجان في العاصمة الفرنسية باريس للممثل الكوميدي الفرنسي الشهير ديودوني، وتسلم خلاله فوريسون جائزة التفرد من أجل أعماله التاريخية. روبير فوريسون، مؤرخ فرنسي، ارتبط اسمه بالمحرقة النازية ضد اليهود، وهو اليوم يعود إلى الواجهة في أوج المحرقة اليهودية ضد الفلسطينيين. هذا الرجل ينفي باستمرار أن يكون النازيون، وعلى رأسهم هتلر، قد نفذوا شيئا اسمه الهولوكوست، ويؤكد أن غرف الغاز التي تتحدث عنها المصادر التاريخية بكونها عرفت إبادة ملايين اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ليست سوى خرافة. فوريسون، الذي يكمل هذا العام عامه الثمانين، عاد إلى الواجهة هذه الأيام بعد أن تمت استضافته أمام أزيد من 5 آلاف شخص في مهرجان في العاصمة الفرنسية باريس للممثل الكوميدي الفرنسي الشهير ديودوني، وتسلم خلاله فوريسون جائزة التفرد من أجل أعماله التاريخية، وهو ما أثار موجة من السخط من جانب وسائل إعلام فرنسية تعتبر أن فوريسون رجل ينفي شيئا يؤمن به الجميع كما لو أنهم يؤمنون بديانة مقدسة، أي الهولوكوست الإسرائيلي، وهذه الوسائل الإعلامية نفسها هي التي لا تلقي اليوم بالا لمحرقة يتابعها العالم بأسره، وهي المحرقة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. يصف فوريسون نفسه بأنه مؤرخ لا يسير مع التيار ويفضح ما يتواطأ الآخرون على ستره. وحين كان يتلقى جائزة التفرد في مهرجان ديودوني، قال إنه يعرف أن الكثيرين يصفونه بأنه صعلوك التاريخ، وأنه لم يتعود على تلقي الجوائز، بل تعود فقط على تلقي الشتائم ووصفه بأنه مؤرخ معاد للسامية، أي لليهود بشكل خاص، لكنه يقول إن كل من ينابزه الرأي يجب أن ينزل معه إلى حلبة البحث التاريخي وليس تلفيق التهم المجانية ضده واعتباره معاديا للسامية. الجائزة التي تسلمها فوريسون في مهرجان ديودوني حركت القضاء الفرنسي بسرعة مثيرة، وأعلنت دائرة باريس الأمنية أنها ستتابع الممثل الفرنسي ديودوني، وتدخل وزير الدفاع الفرنسي نفسه لكي يقول إن ديودوني نظم مهرجانا للكراهية، وتبعه في ذلك مسؤولون فرنسيون كثيرون شتموا الممثل والمؤرخ معا بسبب قضية تعود وقائعها إلى الحرب العالمية الثانية، وهم كلهم لم ينبسوا ببنت شفة حول المحرقة ضد الفلسينيين في غزة. قضية فوريسون مع التاريخ، أو مع قضية الهولوكوست بالتحديد، تعود إلى حوالي 20 سنة مضت، وبالضبط سنة 1989، حين أصدر كتابا نفى فيه أن يكون النازيون أنشؤوا غرفا للغاز أو قاموا بمذابح ضد اليهود أو ضد أي مجموعة عرقية أخرى، وأن إبادة اليهود في غرف الغاز لم تكن سوى أسطورة تم خلقها من طرف جماعات صهيونية من أجل توظيفها في إنشاء دولة إسرائيل على أرض فلسطين. عندما ظهرت هذه الأطروحة في كتاب فوريسون تعرض إلى هجوم من طرف مجموعة من الطلبة دخل على إثره إلى المستشفى، وهو هجوم وصفه بأنه منظم من قبل جماعات صهيونية متطرفة. وبعد ذلك تم منعه من إلقاء الدروس والمحاضرات في الجامعة، بدعوى أن ذلك تم من أجل حمايته، ثم حوكم بتهمة تزوير التاريخ وترويج أفكار الكراهية وأدخل السجن لثلاثة أشهر وأدى غرامة 120 ألف فرنك فرنسي. قضية فوريسون أثارت حمية مئات من المثقفين والمؤرخين عبر العالم، الذين وقعوا بعد ذلك عريضة تضم 500 توقيع، طالبوا فيها بحماية حق حرية التعبير لفوريسون، رغم اختلاف الكثيرين معه، ومن بين الموقعين اللساني الشهير نعوم تشومسكي، الذي وجد نفسه بدوره في قلب إعصار إعلامي، ووصف بأنه يساند أطروحة فوريسون بأن المحرقة النازية ضد اليهود مجرد خرافة هدفها دعم قيام دولة إسرائيل. تشومسكي تعرض لنيران الجماعات الصهيونية في العالم لأنه طالب فقط بحرية التعبير لمؤرخ له وجهة نظر مختلفة. ويقول تشومسكي، في مقال كتبه بعد ذلك حول الموضوع: «ما وصل إليه فوريسون من استنتاجات يختلف تماما عن قناعاتي التي عبرت عنها ووصفت فيها الهولوكوست بأنه أسوأ مظاهر الجنون في تاريخ الإنسانية، لكن من الأساسي الدفاع عن حرية التعبير وحتى عن الأفكار التي تبدو مستبعدة». بعد 5 سنوات من ذلك، ستتواصل تبعات كتاب فوريسون حول المحرقة، وسينشر وارنر كوهن كتابا يتهم فيه تشومسكي بأنه معاد للسامية لمجرد أنه دعم حق فوريسون في التعبير والحق في البحث التاريخي الأكاديمي. ومن تشومسكي إلى ديودوني، فإن كل من يقترب من فوريسون تحترق أصابعه باتهامات معاداة السامية، مع أن المسيرة الدراسية والجامعية لهذا الأخير تميزت بقدر كبير من التفرد منذ أن بدأ دراسته في مدرسة هنري السادس في باريس، ثم أصبح مدرسا من 1957 إلى 1969، ثم أستاذا محاضرا للأدب الفرنسي في جامعة باريس3، وفي 1972 حصل على الدكتوراه، لتتواصل بعد ذلك مسيرته الجامعية والأكاديمية بين مختلف الجامعات والمؤسسات الفرنسية والأجنبية. بدأ فوريسون نشر مقالاته مبكرا في صحف ومجلات فرنسية شهيرة من بينها «بيزار» ثم «لوموند». ومنذ ذلك الوقت وإلى اليوم يجر فوريسون خلفه عددا من أحكام الإدانة بسبب آرائه حول محرقة غرف الغاز النازية، ويوصف باستمرار بأنه معاد للسامية، وصنف في نفس الخانة التي وضع فيها بعد ذلك المفكر الفرنسي الشهير روجيه غارودي بعد أن أصدر كتابه الشهير «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، والذي ألقى فيه بظلال كثيفة من الشك حول المحرقة النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وطالب بإجراء دراسات علمية دقيقة تثبتها. آخر المتابعات القضائية ضد فوريسون كانت سنة 2007، حين صرح من جديد أن الألمان، أو النازيين بالتحديد خلال الحرب العالمية الثانية، كانوا بدورهم يبحثون عن وطن لليهود، وأن الصور التي تم ترويجها لمعسكرات الاعتقال النازية ضد اليهود كانت نتيجة أمراض وأوبئة خلال الحرب، وأنه لا يوجد ولا دليل على أن الألمان أنشؤوا غرف الغاز لإبادة اليهود. اليوم، يوجد فوريسون وغارودي وديودوني ومفكرون وفنانون فرنسيون آخرون في لائحة فرنسية وإسرائيلية مغضوب عليها وينظر إليهم على أنهم يزعزعون اعتقاد الناس بديانة جديدة اسمها «الهولوكوست». ومنذ أن سقطت أسنانه ونزف دمه بفعل الاعتداء عليه بسبب آرائه وإلى اليوم، فإن رأس روبير فوريسون لا يزال أكثر الرؤوس إزعاجا لإسرائيل، التي تقوم حاليا بمحرقة كبرى ضد الفلسطينيين في غزة وتنقلها تلفزيونات العالم مباشرة، لكنها لا تريد من أحد أن يؤمن بها، بينما تطلب من الجميع أن يصدقوا من دون نقاش هولوكوست الحرب العالمية الثانية، وإلا فإن مصيرهم السجن أو تحطيم أسنانهم.