أكد البابا بندكتس السادس عشر رفض الكنيسة الكاثوليكية لمعاداة السامية بكافة أشكالها، مشدداً في الوقت نفسه على أن الكنيسة ملتزمة ب"تضميد" الجراح التي لطخت العلاقات بين المسيحيين واليهود، على خلفية "الهولوكوست"، التي اعتبر أنها "جريمة بحق الله والبشرية." "" جاءت تصريحات بابا الفاتيكان خلال استقباله وفد من مؤتمر رؤساء المنظمات الأمريكية اليهودية الكبرى الخميس، بعد تزايد الجدل حول التصريحات التي أدلى بها أحد الأساقفة الكاثوليك، والتي أنكر فيها "المحارق النازية"، التي يقال إن ستة ملايين يهودي راحوا ضحيتها، خلال فترة الحرب العالمية الثانية. وجاءت تصريحات الأسقف ريتشارد ويليامسون، في مقابلة لمحطة تلفزيونية سويدية، بعد قليل من قرار الفاتيكان برفع "العزل الكنسي" عنه ومجموعة من القساوسة، ، كانوا قد طردوا من الكنيسة الكاثوليكية عام 1988، مما أثار كثير من الانتقادات التي طالت البابا. ودعت الفاتيكان الأسقف ويليامسون مراراً لسحب تلك التصريحات التي اعتبرت "معادية للسامية"، والتي قال فيها إنه يعتقد أن ما لا يزيد عن 300 ألف يهودي فقط قضوا في معسكرات التعذيب النازية، كما شكك في وجود "غرف الغاز" التي يروج لها اليهود. وخلال لقائه الوفد اليهودي الأمريكي أعرب البابا بندكتس عن عزمه القيام بزيارة إلى إسرائيل، التي وصفها ب"تلك الأرض المقدسة للمسيحيين واليهود على حد سواء"، دون أن يكشف عن الموعد المحدد للقيام بتلك الزيارة. وفي بداية اللقاء، وجه البابا كلمة أما ضيوفه أشار فيها إلى زيارته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولقائه بالحاخام الأمريكي أرثور شنايير، الذي يترأس الوفد اليهودي، في كنيس "بارك إيست" بنيويورك، وقال إن هذا اللقاء سمح للطرفين بالتعبير عن الاحترام والتقدير المتبادلين. كما تذكر بابا الفاتيكان أيضاً زيارته إلى مدينة كولونيا الألمانية حيث دخل كنيساً يهودياً لأول مرة منذ انتخابه حبراً أعظم، حسبما نقلت إذاعة الفاتيكان الخميس. كما تحدث عن زيارته لعدد من معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ومنها معسكر "أوشفيتز"، حيث تأمل بمعاناة أعداد هائلة من المعتقلين الذين قضوا في ذلك المكان، وقال إن "العائلة البشرية كلها تشعر بالخجل إزاء ما تعرض له اليهود من أعمال وحشية في تلك الفترة." وأشار البابا إلى أن "تاريخ العلاقات بين اليهود والكنيسة اجتاز مراحل عدة عبر العصور، كانت بعضها أليمة جداً"، وقال: "ها نحن نلتقي اليوم بروح من المصالحة، ويجب ألا تَحول مشاكل الماضي دون أن نمد لبعضنا يد الصداقة." وأكد أن الكنيسة تنبذ معاداة السامية، وهي ملتزمة في بناء علاقات طيبة وطويلة الأمد بين الجماعتين، لافتاً إلى مشهد البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، عندما وقف أمام حائط المبكى في القدس، طالباً "المغفرة من الله على الظلم الذي عانى منه اليهود." كما ذكّر بندكتس السادس عشر بأن "الهولوكوست شكل جريمة بحق الله والبشرية، ومن هذا المنطلق لا يمكن القبول بأي موقف ينفي حصول هذه الجريمة الفظيعة أو يقلل من شأنها"، وأضاف: "يجب ألا ننسى أبداً هذا الفصل المظلم من تاريخ البشرية، لأنه يشكل تحذيراً لنا، ويحثنا على العمل الدؤوب في سبيل المصالحة." واختتم حديثه بالقول: "إنني أرفع الصلاة إلى الله كي تقوّي هذه الذكرى الأليمة عزيمتنا على تضميد الجراح التي لطخت العلاقات بين المسيحيين واليهود."