كاف…إجراء عملية سحب القرعة بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط    خلاف حول التعدد ينتهي بجريمة قتل امرأة بالجديدة    المغرب الفاسي يعين أكرم الروماني مدرباً للفريق خلفا للإيطالي أرينا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    حادث سير يخلف 3 قتلى في تنغير    فتح معبر "زوج بغال" بين المغرب والجزائر لتسليم 34 مرشحا للهجرة ومطالب بإعادة كل المحتجزين لعائلاتهم    فاطمة التامني تحذر من إهمال وزارة الصحة لإنتشار مرض بوحمرون    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب أمنية    المغرب وموريتانيا يعززان التعاون الطاقي في ظل التوتر الإقليمي مع الجزائر: مشروع الربط الكهربائي ينفتح على آفاق جديدة    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    المغرب يقترب من إتمام طريق استراتيجي يربط السمارة بموريتانيا: ممر جديد يعزز التعاون الأمني والاقتصادي    مساعد مدير صحيفة لافان غوارديا الاسبانية يكتب: ترامب سيفتح قنصلية أمريكية بالداخلة وفرنسا كذلك    أبطال أوروبا.. فوز مثير ل"PSG" واستعراض الريال وانهيار البايرن وعبور الإنتر    دوري لبنان لكرة القدم يحاول التخلص من مخلفات الحرب    ريال مدريد يجني 1,5 ملايير يورو    تجديد ‬التأكيد ‬على ‬ثوابت ‬حزب ‬الاستقلال ‬وتشبثه ‬بالقيم ‬الدينية    مؤشر "مازي" يسجل تقدما في تداولات بورصة الدار البيضاء    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    المخابرات الجزائرية وراء مسرحية اختطاف مواطن إسباني وتحريره بالتعاون مع "إرهابيين" من جبهة تحرير الأزواد    تدخلات أمنية تفكك شبكة نصابين    مصرع 12 شخصا بعد القفز من القطار بسبب تحذير من حريق بالهند    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    رسميا.. مانشستر سيتي يضم المصري عمر مرموش مقابل 70 مليون يورو    اللجنة الوطنية لحاملي الشهادات تُعلن إضرابات واعتصامات ضد تدبير ملف التوظيف    رئيس مجلس المستشارين يستقبل رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    الدار البيضاء ضمن أكثر المدن أمانا في إفريقيا لعام 2025    بوروسيا دورتموند يتخلى عن خدمات مدربه نوري شاهين    هذا ما تتميز به غرينلاند التي يرغب ترامب في شرائها    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    إحالة قضية الرئيس يول إلى النيابة العامة بكوريا الجنوبية    إسرائيل تقتل فلسطينيين غرب جنين    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    حجز 230 كيلوغراما من الشيرا بوزان‬    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    الشيخات داخل قبة البرلمان    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عامان على انطلاقة الثورة السورية والقادم أوسع
نشر في المساء يوم 23 - 03 - 2013

تدخل الثورة السورية عامها الثالث مضرجة بدماء 70 ألف قتيل، مثقلة بأعباء مليون لاجئ، محملة بأوزار التفكك المجتمعي، وجيل كامل من الضياع، ومشاهد عنف أسطوري، وإرهاب دولة غير مسبوق؛ ولكن الأسوأ لم يأت بعد، فإذا لم
يسقط نظام الأسد في دمشق سريعا، فإن الصراع سيشعل المنطقة بأسرها، ويحيلها إلى حزام دموي متصل من البصرة على ضفاف الخليج إلى بيروت على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وفي الوقت الذي تبدي فيه بريطانيا وفرنسا نيتهما المضي في تسليح المعارضة السورية، وكسر حظر السلاح الأوربي على تزويد الأطراف السورية بالسلاح، ينبغي أن نشير إلى أن هذه الخطوة لن تكون كافية إلا إن جاءت في سياق استراتيجية حاسمة لإسقاط النظام، وهذا غير متوقع، لأن القوى الغربية تتبنى استراتيجية تحقيق ما تعده (توازنا موضوعيا) بين الثوار والنظام، لإجبار الطرفين على التفاوض.
وبما أن النظام قد صعد مؤخرا باستخدامه لصواريخ سكود، وبما أن روسيا وإيران مستمرتان في تزويد النظام بالأسلحة، فقد ظن البريطانيون والفرنسيون أن تزويد الثوار ببعض الأسلحة قد يعيد التوازن المزعوم إلى سابق عهده، ويضغط على النظام باتجاه التفاوض مع المعارضة.
مبدأ التوازن الموضوعي الذي تنتهجه القوى الغربية أملا في دفع الجانبين إلى تسوية سلمية لن يسهم في وقف العنف، ولن يصل إلى تسوية قريبة، بل يمنح النظام مزيدا من الوقت ويفتح المجال نحو عنف أنكى وأشد، وهو ما سيدفع باتجاه ما هو أسوأ: توسع رقعة الصراع لتشمل المنطقة بأسرها.
هناك أسباب عديدة تدفع نحو توسع الأزمة السورية وانتقالها إلى الجوار الإقليمي، فالمشرق العربي أكثر مناطق العالم تنوعا، مذهبيا وعرقيا ودينيا، وبسبب من الإرهاب الدموي للنظام الطائفي السوري، والدعم الروسي والمدد الإيراني المتزايد لنظام الأسد، في مقابل التردد الأمريكي والأوربي، وارتباك الدول العربية في موقفها من أطراف الثورة السورية المتعددة، فإن الأزمة السورية تتعمق وتزداد تشددا.
وبالتالي، فإن امتدادها الإقليمي أصبح مسألة وقت، وهو ما يدفعنا إلى القول بأن العام الثالث للثورة سينتقل بالأزمة السورية لتصبح صراعا مفتوحا عابرا للحدود في أكبر تحد لاستقرار المنطقة منذ أن رُسِمَت حدودها الحالية قبل قرن من الزمان في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
انتشار الأزمة السورية سيصل إلى لبنان الأكثر التصاقا بسوريا، فالأطراف السياسية في لبنان منخرطة بالفعل في الأزمة السورية، فالمحور الاستراتيجي الممتد من طهران عبر بغداد ثم دمشق وصولا إلى حزب الله في لبنان، يعتبر أن سقوط نظام الأسد سيعيد رسم التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، وهو ما دفع حزب الله إلى أن يكون أول الأطر اللبنانية انخراطا في الأزمة السورية من خلال الدعم السياسي واللوجستي لنظام الأسد، مما دفع بأطراف لبنانية أخرى إلى دعم الثورة السورية.
ولذلك فقد وصل لبنان بعد عامين من الشد والجذب أعلى درجات التوتر والاستقطاب، مما يرشحه لأن ينفتح على الأزمة في سوريا بكل ما فيها من عنف دموي وصراع مذهبي.
ورغم خطورة اشتعال العنف في لبنان، فإن التطور الأشد فتكا سيكون في اتساع الصراع نحو العراق، وهو أمر بدأنا نشهد مظاهره من خلال الارتفاع المتزايد لوتيرة الصراع السياسي بين حكومة المالكي ذات البعد الطائفي والداعمة لنظام بشار الأسد، وبين كل من المحافظات ذات الغالبية السنية وإقليم كردستان العراق.
ويبدو أن الاحتجاجات المتواصلة منذ ثلاثة أشهر في مناطق السنة قد وصلت إلى طريق مسدود، فحكومة المالكي لم تستجب لمطالب المتظاهرين بمزيد من التوازن الطائفي في بغداد، بل تصعد من قمعها للمحتجين وتدفع باتجاه خيار العنف، مما ينذر بانفتاح الساحة العراقية على دورة عنف دموي جديدة، ستجد في العمق السوري المشتعل امتدادا طبيعيا لها.
والعراق، الذي لم يتعاف بعد من جراح الحرب الأهلية التي مزقت وحدته الوطنية في الأعوام 2007-2009، مرشح لكي ينتقل بالصراع الطائفي في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من العنف، وستجد حينها الدول المجاورة، كإيران وتركيا ودول الخليج العربي، نفسها منخرطة، بطريقة أو بأخرى، في هذه الدورة المدمرة؛ فالصراع على العراق لن يكون على موارده النفطية الهائلة فحسب، بل سيكون صراعا على روح الشرق الأوسط القادم، وهو الذي سيحدد أوزان القوى الإقليمية ويرسم خريطته السياسية القادمة.
ولكن هل بإمكاننا أن نتلافى هذا السيناريو المتشائم؟
الإجابة عن ذلك تكمن في كيفية تصرف القوى الإقليمية والدولية في الشهور القليلة القادمة، والبداية في أن تتلافى الولايات المتحدة أخطاءها الاستراتيجية وتحسم أولوياتها باتجاه إسقاط فوري للنظام في دمشق.
ومع أن التدخل العسكري المباشر غير مرحب به، فإن المطلوب هو إمداد الثورة السورية بالسلاح النوعي اللازم، مع تفادي الدخول في معارك جانبية مبكرة حول موازين القوى المحلية السورية في ما بعد سقوط بشار.
لقد ارتبكت الإدارة الأمريكية في تعاملها مع الشأن السوري، وترددت في حسم الصراع في العامين الماضيين، فمنعت دخول أسلحة نوعية للثوار في سوريا متذرعة بعدة اعتبارات، من بينها تخوف واشنطن من سيناريوهات ما بعد الأسد، واحتمالية وصول إسلاميين إلى الحكم في دمشق المجاورة لإسرائيل.
كما أن أمريكا لم ترد أن تصل هذه الأسلحة إلى (الأيادي الخطأ)، في إشارة إلى الجهاديين والجماعات المتعاطفة مع القاعدة. هذا التردد الأمريكي كان كارثيا، لأنه لم يتمسك بأولوية إسقاط النظام السوري باعتباره نظاما إرهابيا فعليا يقتل ويدمر ويغتصب، في سبيل التخوف من إرهاب محتمل، في وقت كانت الثورة السورية فيه بعيدة تماما عن تأثير القاعدة أو أية جماعات جهادية محسوبة عليها.
لقد أدى شعور النظام السوري بالأمن النسبي إلى رفع وتيرة العنف ضد المدنيين إلى مستويات غير مسبوقة، وبسبب من التردد الدولي في دعم الجيش السوري الحر ومجموعاته الثورية المعتدلة بدأنا نرى ازديادا للعناصر الجهادية؛ وهو أمر متوقع، تمليه حالة البطش والقتل والاغتصاب التي مارستها قوات النظام.
وليس مستغربا أن يستنجد ضحايا البطش بأي كان للدفاع عن أنفسهم. وبعد أكثر من عام على انطلاقة الثورة السورية، بدأنا نلحظ نشاطا متزايدا لمجموعات جهادية وصولا إلى جماعات فاعلة على الأرض، مثل جبهة النصرة التي أدرجتها الولايات المتحدة مؤخرا على قائمة الجماعات
الإرهابية.
القرار الأمريكي كان خاطئا، لأنه حول أنظار المجتمع الدولي والقوى الإقليمية من أولوية إسقاط النظام إلى أولوية محاربة التنظيمات الجهادية والتخوف من انتشارها، مما أربك صفوف الثورة وصفوف الداعمين لها.
ومع ذلك، فإن جبهة النصرة التي استفادت من هذا التصنيف الأمريكي وصارت أكثر قوة، لم تكن قد ارتكبت من الأفعال (الإرهابية) ما يستدعي هذا التوجه الأمريكي، فقد حافظت في أدائها الميداني على قدر أكثر انضباطا من الجماعات المحسوبة على القاعدة في بلدان أخرى مثل العراق، ولم تدخل في نزاعات مع المجموعات المسلحة الأخرى ولا مع السكان المحليين، بمن فيهم الأقليات المسيحية والدرزية والعلوية.
غياب الاستراتيجية الواضحة في التعامل مع الثورة السورية أرسل رسائل متناقضة لدول الإقليم، فانطلقت بعض الدول المتخوفة من (الخطر الإسلامي) في استراتيجية تسليح جماعات صغيرة غير ذات شأن على الساحة السورية، مع أن الغالبية العظمى للجماعات الفاعلة على الساحة ذات مرجعية إسلامية معتدلة، وبدأنا نشهد اختلافات في وجهات النظر حول من ينبغي تزويده بالدعم والسلاح ومن ينبغي محاصرته، كل ذلك يصب في مصلحة النظام السوري، ويزيد مرارة الثوار ويدفع باتجاه مزيد من العنف.
ولذا، فإن أهم ما ينبغي على دول الإقليم عمله توحيد موقفها من أولويات التعامل مع الشأن السوري، فإسقاط النظام سريعا هو الخطوة الوحيدة الكفيلة بوقف مسلسل الانحدار نحو عنف لا يعلم حدوده إلا الله؛ أما الانشغال بمخاوف جانبية حول مرحلة ما بعد بشار، ومحاولة التدخل في موازين القوى السياسية والعسكرية لمجموعات الثوار، قصد تهميش فريق ما والدفع بفريق آخر، فلن يخدم أحدا ولن يدفع إلا في مصلحة النظام السوري وسيناريو الفوضى والصدام الطائفي الشامل.

وضاح خنفر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.