بعد الجدل الكبير الذي أثارته دفاتر تحملات قنوات القطب العمومي، خرجت عدد من شركات الإنتاج السمعي -البصري عن صمتها حيال طريقة تدبير طلبات العروض الخاصة بمشاريع إنتاج البرامج التلفزيونية والإذاعية وقرّرت رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، على خلفية ما تعتبره «خروقات» شابت عملية فتح الأظرفة.. وكشف محمد أبيض، الكاتب العام لجمعية مبدعي ومهنيي السمعي -البصري، ومقدم برنامج «بلادي» على قناة «الأولى»، في تصريح ل»المساء»، أنّ «الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعمل كل ما في وسعها حتى لا تنجح تجربة دفاتر التحمّلات، وخيرُ دليل على ذلك هو أنّ اللجنة التي فتحت الأظرفة الخاصة بطلبات العروض غير قانونية، وتختلف عن الأسماء التي تمّ الإعلان عنها في تقرير المجلس الإداري». وأوضح أبيض أنّ «المهنيين قرّروا اللجوء إلى القضاء الإداري من أجل وقف هذه «المهزلة»، لأنّ ما يقع غيرُ قانونيّ، ومن بين الخروقات الأخرى أنّ فتح الأظرفة، مثلا، كان مُقرَّراً أن يبتدأ في الساعة العاشرة صباحا، على أساس أن يتم إغلاق باب الاقتراحات، فإذا بنا نتفاجأ بأنه إلى حدود منتصف النهار ما زالت اللجنة تتلقى الطلبات، بل إنّ بعض الملفات كانت مفتوحة، وبالتالي يبذل المسؤولون كل ما في وسعهم لكي تفشلَ هذه التجربة». واعتبر أبيض أنّ «المهنيين انتظروا خيرا من دفاتر التحمّلات وطلبات العروض الخاصة بإنتاج البرامج التلفزيونية والإذاعية، لوضع حدّ للمحسوبية والزبونية التي كانت تعرفها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لكننا اكتشفنا أنّ الوضع ما زال هو نفسه»، مشيرا إلى أنّ «وجود شركات إنتاج تم الاتصال بها وطُلِب منها التهيؤ لبدء العمل، على بُعد بضعة أشهر من شهر رمضان، رغم أنّ اللجنة لم تعلن رسميا عن أسماء الشركات التي تم اختيارها، وهذا شيء غير قانوني أيضا». وأضاف الكاتب العام لجمعية مبدعي ومهنيي السمعي -البصري أنّ «هناك من يسعون إلى جعل هذه السنة «بيضاء» في عملية الإنتاج السمعي -البصري، فمنذ شهر يناير لم يتم إنتاج البرامج، وإذا كانوا لا يريدون الوصول إلى السنة البيضاء فقد كان بإمكانهم تطبيق القانون، لأنّ هناك مسائل واضحة». لكنّ مصدرا مسؤولا من داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة نفى -في اتصال هاتفي مع «المساء»- الاتهامات الموجَّهة للشركة واللجنة المكلفة بانتقاء البرامج جملة وتفصيلا، على اعتبار أنّ «عملية فتح الأظرفة تمّت في إطار من الشفافية وبحضور مختلف المُتدخّلين، وأن فتح الأظرفة لا يعني اختيار الشركات التي سيوكل إليها إنتاج البرامج، بل فقط معرفة ما إذا كانت الملفات المُتوصَّل بها تستوفي الشروط المطلوبة، على أن تقوم اللجنة -بعد ذلك- بدراسة الملفات وانتقاء البرامج». وفي السياق ذاته، أوضحت مصادر مطّلعة أن التعديل الذي أقدم عليه المجلس الحكومي، يوم الخميس الماضي، يتأسس على «تجميد» مسطرة طلبات العروض لبضعة أشهر كفترة انتقالية بالنسبة إلى برامج التدفق، والتي يقصد بها البرامج التي تُبَثّ بصفة مسترسلة ولا تحسب ضمنها برامج الخيال، وهو ما اعتبره عدد من المراقبين «رضوخا» من طرف الحكومة لضغوط بعض شركات الإنتاج. ويُنتظر أن تُستكمل مسطرة اعتماد التعديل الجديد بعد أن تصادق عليه الهيأة العليا للاتصال السمعي -البصري بعد التداول في مضمونه، حيث يسمح للحكومة أن تُدخل، في أي وقت شاءت، تعديلات على مضامين دفاتر التحملات، على أنْ يتم ذلك باحترام مسطرة المصادقة، من خلال إحالة التعديل على الهيأة العليا للسمعي -البصري «الهاكا».