لقيت ورشة العمل الجمعوي والتنمية التشاركية إقبالا كبيرا مقارنة بباقي ورشات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية التي انطلقت بإقليم كلميم، وعرفت نقاشا حادا شارك فيه فاعلون مدنيون وباحثون ومسؤولون قاربوا الإشكالات التي يعيشها المجتمع المدني وسبل تجاوزها. ودعا المشاركون في الورشة المذكورة إلى اعتماد مبدأ التعاقد بخصوص المجهودات التنموية، وتفعيل الديمقراطية التشاركية كمدخل أساس، مع مراجعة الإطار التشريعي المنظم لعمل الجمعيات بما يتلاءم مع المقتضيات الدستورية الجديدة، وتوفير البنية التحتية لتكوين أطر وفعاليات المجتمع المدني، ووضع إطار مؤسساتي يحقق التكامل بين المجتمع المدني والمجالس المنتخبة بما يخدم الساكنة. وبخصوص ورشة الحكامة الاقتصادية ومناخ الأعمال، أكد المشاركون على ضعف مؤشرات مناخ الأعمال على صعيد جهة كلميمالسمارة، من خلال ضعف الاستثمارات في ظل الحاجة الملحة إلى البنيات التحتية، وأكد التقرير أن القروض البنكية الموجّهة إلى الاستثمار في الجهة لا تتجاوز نسبتها 9 بالمائة من مجموع القروض، ودعا إلى الاهتمام بالاقتصاد الاجتماعي التضامني لأنه الوحيد الملائم لخصوصيات المنطقة. وتضمّن تقرير هذه الورشة توصيات بالحسم في موضوع الإعفاءات الضريبية ببعض الأقاليم الجنوبية، وضرورة تخصيص نسبة من الصفقات العمومية لفائدة المقاولات المحلية وإحداث مكاتب دراسات لمواكبة الشباب حاملي أفكار مشاريع تعوزها الإمكانات المادية. وفي هذا الصّدد، تضمنت المقترحات خلق صندوق لدعم انطلاقة ومصاحبة مشاريع الشباب والنساء بجهة كلميم، وفتح المجال أمام الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتبسيط المساطر وملاءمتها مع خصوصيات المنطقة بما يحقّق تشجيع الاستثمار، الذي تعتبر إشكالية التحفيظ العقاري من أبرز معيقاته، وهو ما علّق عليه مسؤول بكون التحفيظ العقاري إشكالية مرتبطة بعوامل تتعلّق بخصوصية المنطقة التي تتحكّم الحيازة في عقارها غير المحفّظ مع العلم أنها منطقة تتميّز بالترحال، مما يزكي كون إشكاليات التحفيظ مرتبطة بعقليات أكثر منها بقوانين، خاصة أن فكرة التحفيظ لم تبدأ في البروز إلا قبل حوالي أربعين سنة. وأكد المشاركون على ضرورة مراجعة دور المجالس الإدارية للأكاديميات في توجيه منظومة التربية والتكوين وإعادة فتح ثانويات التميّز، وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتأطيره بشكل فعال ودعم التعاونيات النسائية ومحاربة الأمية في صفوف النساء وتشجيع الاستثمار وإعادة النظر في دور التعاون الوطني. وكان أحمد عبادي، رئيس لجنة القضايا الثقافية والتكنولوجيات الحديثة بالمجلس الاقتصادي، أكّد خلال الجلسة الختامية للورشات أن النقاش الذي انطلقت فصوله من كلميم باب الصحراء يعتبر حلقة من حلقات المقاربة التشاركية التي اعتمدها المجلس في بلورة النموذج التنموي، حيث سيتم تعميق النقاش حول قضايا الحكامة والعمل الجمعوي والولوج إلى الخدمات الاجتماعية، وتقديم مقترحات مفصلية تجد طريقها إلى التقرير المرحلي الذي من المفترض أن يصدر قبل بدية أبريل. وخلال الجلسة الافتتاحية لانطلاق الورشات، أوضح الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ادريس الكراوي، أن اللقاءات التي عقدها أعضاء اللجنة الخاصة المنبثقة عن المجلس بجهة كلميمالسمارة خلال شهر يناير المنصرم عرفت عقد أزيد من 19 جلسة عمل، واستمعوا خلالها إلى 264 جمعية، و23 منتخبا، و12 ممثلا للمركزيات النقابية، و17 ممثلا للمصالح الخارجية للوزارات، و18 فاعلا اقتصاديا، و48 مواطنا ومواطنة.