بداية متعثرة، ذلك هو الوصف الذي يليق بفعاليات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، والذي انطلق، يوم أمس، من طرف الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. ويبدو أن الوزير الحبيب الشوباني قد فشل من حيث كان يجب أن ينجح، بعد أن أعلنت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني الوازنة انسحابها احتجاجا على طريقة تدبير هذا الورش الهام، الذي يأتي في سياق تنزيل المقتضيات الدستورية التي تعطي دورا مهما للمجتمع المدني في الاقتراح والتشريع ومراقبة العمل الحكومي. ولكن اتهام الشوباني بمحاولة الاستيلاء على المشروع برمته وتجييره لصالحه أو لصالح اتجاه سياسي معين، ودخوله على خط المواجهة مع جمعيات لها تجربة محترمة في العمل الميداني، جعل الحساسيات تطفو على السطح. وبدل أن يمضي الجميع ب«قلوب صافية» للجلوس وجها لوجه والإنصات لما يعتمل في الحقل الجمعوي من مشاكل ومن تصدعات ومن إكراهات ونزع عوامل الإحباط، اكتست البداية صورة سلبية، وأكدت أن تدبير هذا القطاع الفتي «المتلاون»، سياسيا وثقافيا ولغويا ومصلحيا، لا يمكن أن يجري دائما كما تشاء الأيدي الظاهرة والخفية. كانت النوايا تطمح إلى أن تكون المحطة الأولى من الحوار الوطني حول المجتمع المدني تصبو إلى تحقيق أوسع مشاركة للجمعيات والمنظمات غير الحكومية في صياغة الأرضيات التي ستكون بمثابة مسودات لاستخلاص القواعد القانونية المتعلقة بالديمقراطية التشاركية، وخاصة أحكام الدستور المتعلقة بتنظيم الحق في تقديم العرائض والملتمسات والمشاركة في صياغة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية وغيرها من أحكام الدستور ذات الصلة. لكن ما كل ما يتمناه الشوباني يدركه، فقد تبين أن الحوار خرجْ من الخيمة مايل.ْ