بعد التعقيب الذي قدّمه المغرب أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف على التقرير الصادر عن خوان مانديز، المقرر الخاص بالتعذيب، كان لممثلي الحكومة المغربية لقاء تفاعلي ثاني، أول أمس، مع الفريق الأممي المتخصص في موضوع «الاختفاء القسري»، الذي أعدّ تقريرا عن المغرب. ودعا هذا التقرير، الذي قُدِّم خلال «الاستعراض الدولي السنوي الشامل» لمجلس حقوق الإنسان، الدولة إلى «ضمان تشريعات وطنية واضحة تمكّن من محاكمة الأشخاص المشتبَه في تورطهم في جريمة الاختفاء القسري من قبل المحاكم العادية المختصة واستبعاد أي آلية قضائية خاصة، بما في ذلك المحكمة العسكرية». وأثار الفريق الأممي في تقريره الانتباه إلى «خطورة الإفلات من العقاب» في قضايا الاختفاء القسري، مؤكدا أن «مزاعم» وردت عليه تؤكد استمرار الاختفاء القسري في المغرب. وأشار التقرير إلى أن «الإفلات من العقاب وعدم محاسبة المتورّطين في حالات الاختفاء القسري يشكل انتهاكا للقانون الدولي، حتى في ولو تم في إطار المصالحة».. وشدد التقرير على «ضرورة كشف الدولة المغربية مصيرَ الحالات التسعة المتبقية في تقرير هيئة الانصاف والمصالحة بخصوص الاختفاء القسري». وطالب التقرير الأممي نفسُه المغربَ ب»إعطاء كامل الصلاحيات للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، من أجل البحث واستدعاء الشهود في قضايا الاختفاء القسري في سنوات الرصاص، والبحث في أماكن الاحتجاج خاصة النقطة الثابتة -3 في الرباط (PF3)». وعبّر مُعدّو التقرير عن «تقديرهم الكبير لتجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال جبر الضرر الجماعيّ»، ودعوا الحكومة إلى تنفيذ مزيد من هذا البرنامج»، كما رحّبوا «بمصادقة المغرب على البروتوكول الدولي لمناهضة التعذيب». في المقابل، صرّح المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، بأنّ «المقتضيات الجديدة لدستور المملكة تجرّم الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري»، مذكرا بمصادقة المغرب، يوم 28 يونيو 2012، على مشروع قانون بالموافقة على التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري٬ حيث كان المغرب واحدا من أوائل الموقعين على الاتفاقية. ووجد المحجوب الهيبة نفسَه في موقف حرج أثناء تقديم تقرير ثانٍ للمقرر الخاص المعني بالحرية الدينية، لملاحظاته حول الحرية الدينية وحرية المعتقد في المغرب.. ورغم إشارة هذا التقرير إلى بعض جوانب التسامح تجاه اليهود والأقليات الدينية المسيحية الأجنبية، فإنه اعتبر أن «المغرب يواصل انتهاك حرية المعتقد والتدين بالنسبة إلى المغاربة». وبهذا الخصوص، أعرب الهيبة عن «ارتياحه لاعتماد خطة عمل الرباط حول مكافحة التحريض على الكراهية أو التمييز أو التعصب»٬ مشيرا في هذا الصدد إلى أنّ «دستور المملكة نصّ، في تصديره، على تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار والتفاهم المتبادَل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء».