«يضربني وْما يخلي اللّي يْتعدّى عْليّ».. مقولة ردّدتها في الزمن القريب الكثيرُ من الجدات، اللواتي ارتبط تعبير الرجال عندهن عن حبّ امرأة بدرجة غيرته الشديدة عليها بضربها بشكل مبرّح، ومن ثمة تلملم جراح النسوة اللواتي يرفضن هذا الأسلوب من التعامل في بيت الزوجية ويصبرن خوفا من حملهن وثيقة الطلاق.. أما اليوم فقد اختلفت المعايير وأصبحت بعض الزوجات يقيس درجة حرارة حب الزوج لهن بعدد الصفعات على وجوههن والرّكلات على أجسدهن، رغم تعالي صرخات الجمعيات النسائية المنددة بالعنف ضد الزوجات، حيث حصلت «المساء» على حكايات نسوة -فضّلن-عدم ذكر أسمائهن- يعتبرن احترام آدميتهن وعدم صفع الزوج لهن دافعا للاستياء ووصفه بالفاقد للفحولة والرجولة!.. «أنا كنموتْ عليك وما غانبعّدش عليكْ».. كلمة رددتها، بأعلى صوتها فتاة في الثامنة عشرة من عمرها، غيرَ مبالية بمن اجتمع حولها من الناس الفضوليين، والذين يحاولون التدخل من أجل «إنقاذها» اعتقادا منهم أنها تعرّضت لاعتداء من رجل غريب عنهان قد يكون لصا. وإذا بها ترُد على المتدخلين بكونها لا تريد الفراق عن زوجها، مهْما كانت الظروف.. ابتعد كثيرون ممن تدافعوا ليصل إلى الصفوف الأمامية لمعرفة حقيقة الواقعة من شدة استغرابهم سلوكها المتناقض، حيث تكفكف دموعا تنسكب من عينيها المُتورّمتين من شدة الألم الذي أصابهما بفعل الصّفعات التي تلقتها على خدّيْها.. حاول أحد المارة أن يفسر الأمر بسؤاله للشاب الذي يرافقها، فردّ بانزعاج ممن تحلقوا حوله «أنا عييتْ، هذ المرأة ما ترتاحْ حتى نعطيها سْلخة دْيال العْصا».. وأردف متابعا وعيناه تكادان تغادران محجريهما «لا يمكنني العيش مع زوجة كالحيوان، لا تُرَوّض إلا بالضرب».. صوّب نظراته تجاهها وأسرع نحوها، متلفظا بعبارات التوبيخ والإهانة في حقها.. تركها تبكي ومضى.. بادرت النسوة المُتحلقات حولها إلى تهدئتها وسؤالها عما يجري بالضبط، وعما إنْ كانت تحتاج إلى مساعدة.. فشرعتْ تروي قصتها دون تردد، قائلة: «هذا الشاب هو خطيبي، وأنا على علاقة به منذ سنتين، لكنه يغار عليّ بطريقة جنونية، وحين أذهب إلى أي مكان يأتي وينتظرني قرب مكان تواجدي ليعرف ساعة عودتي رغم أني استأذنه قبل أن أذهب، لكنني هذه المرة خرجتُ دون موافقته فتفاجأتُ به بعد عودتي ينهال عليّ بالضرب والصّفعات».. سألها أحدهم: هل هي المرّة الأولى التي يضربك؟ قالت: لا. وأعلم أنك ستستغرب من جوابي، وستقول لي: لماذا تستمرّين في علاقتك معه؟ إنني أود الارتباط به شرعا والزواج به، وأخاف أن أفقده، وهذا الضرب أصبح طبيعيا بالنسبة إليّ.. في البداية، كنت أشعر أنني أكرهه ولا أريده، وبعد يومين أنسى كل شيء»..
ضرب وشتم وحبّ كلما كان الضرب مبرحا يكون الحب صادقا وقويا.. هذا ما افتتحت به «كلثوم» حديثها عن حقيقة ارتباطها بشاب رغم اللكمات التي تأتيها منه بشكل متواصل. كلما كان في حالة هيجان عصبيّ إلا وأسقط كامل غضبه عليها، معتبرة ذلك تعبيرا منه عن مدى «حبّه» لها و»غيرته عليها»، اقتناعا منها بأنها طريقته الوحيدة في التعبير الصّادق عن مشاعره.. تقول «كلثوم»: «أذكر أنه حين صفعني لأول مرة بادلته بابتسامة وعبّرت له بدوري عن حبي له وتمسكي بعلاقتي معه، التي كانت الصفعة مرحلة أخرى من علاقتنا بأن تقدَّم لطلب يدي من عائلتي»، مستطردة بالقول «إنّ الرجل الذي لا يكثرت للمرأة ولا يُعيرها اهتماما لا يضربها.. فالضّرب بالنسبة إلي دليل على أنني قد احتجزت مكانا غيرَ عادي في قلب خطيبي»..
معاناة زوج «هل كل النساء لا يتفاهمن مع أزواجهن إلا بعد ضربهن؟».. سؤال افتتح به زوج حكايته مع زوجته، التي «تدمن» على صفعاته المتكررة، حيث تستفزه، حسب قوله، إلى أن يقوم بضربها، الشيء الذي جعله يستعين بطبيب نفسيّ من أجل حل مشكلته مع زوجته بعدما رفضت الطلاق منه. يقول «ع. د.»: «أعاني كثيرا مع زوجتي، وأجد صعوبة في التعامل معها، فهي لا تنفذ أي طلب إلا بعد التهديد والوعيد والضرب المبرح». ويتابع سرد حكايته قائلا: «تزوجت منذ حوالي 3 أشهر فقط، وأنا الآن في طريقي إلى الانفصال عن زوجتي، التي أعجبتُ في البداية كثيرا بطفولتها البريئة، كما أعجبتُ بأخلاقها.. لقد تمت الخطوبة في حفل صغير جدا، وبعدها بحوالي شهرين وقعنا في المحظور.. ولهذا السبب كنت حريصا على إتمام الزواج مهْما كلفني ذلك من أعباء، سواء المالية أو لمعنوية، لأصدم بزوجة لا تستوعب إلا لغة الضرب والشتم من أجل أن تستمرّ الحياة معها، لأنني لم أكتشف الأمر منذ بدايته، حيث كافأتني مرة حين صفعتها بهدية! ولم أستطع تفسير ذلك إلا بعدما تكرّرت المسألة.. مما جعلني لا أطيق العيش معها وأريد الخلاص منها لولا اهتدائي إلى نصيحة أحد الزملاء بإخضاعها للعلاج النفسيّ، حيث اضطرتني في بعض المرات إلى الصياح بأعلى صوتي: «لن أضربك وسوف تقومين بما يعود بالخير على أسرتنا».
رأي علم النفس
لا يمكن لأيّ كائن بشريّ، بغضّ النظر عما إنْ كان امرأة أو رجلا، أن يحب الإهانة أو تعذيب الآخر له إلا إذا كان ضمن خانة من يصنفهم العلم ضمن الماسوشيين الذين يتلذذون بتعذيب الآخرين لذواتهم، ومنهم هذه الفئة من النساء اللواتي يبنين علاقتهنّ بأزواجهن بعدد الصفعات التي يتلقينها. ويتخذ حب تعذيب النفس أشكالا وصورا عديدة، بل ومراحل متنوعة، فهناك مراحل متقدمة وأخرى مرضية وهكذا.. غير أن الماسوشية هي من صفات البشر، غير أن حدتها تختلف من إنسان إلى آخر، فمثلا الميل إلى مشاهدة أفلام الرعب هو نوع من تعذيب النفس بالرعب والمشاهد المروّعة، بل قد يتخذ هذا الأمر صورا أبسط من هذا، فمثلا قد يحدث أن تكون في بيتك والوقت ليل، وأنت جالس تحدق نحو الخارج وتتخيل ما يمكن أن يحدث لك.. هذا التخيل في حد ذاته نوع من أنواع حب تعذيب النفس.. لكن هذه الأمور البسيطة المشتركة عند الكثيرين تظل عادية وطبيعية، بينما تبدأ المشكلة الحقيقية حين يستمر المرء في تعذيب نفسه ويتفنن في اختراع وابتكار الأساليب المختلفة لتحقيق ذلك، ومن بينها تلذذ المرأة بضرب زوجها لها، إلى درجة أنها تفتقد راحتها وسعادتها إنْ لم تتألم، وتحس بأنوثتها كلما قهرها الزوج وأهانها.. والتبرير هو وجود إحساس عميق بالذنب أو القلق أو الخوف أو الخجل لا يتلاشى إلا بعد الضرب والتعذيب..
دراسة
أجرى المحامي خالد العبد الجليل، المهتم بقضايا الأحوال الشخصية في الكويت، دراسة أظهر من خلالها أن 35 في المائة من الكويتيات «يستمتعن» بضرب أزواجهن لهنّ..